كتب – ياسين أبو العز
منذ قديم الأزل يشكل نهر النيل شريان الحياة لدى كافة الدول التي يمر عليها سيما دول المصب التي يمر عليها.وفيما يعتبر النهر الأطول عالمياً أهمية قصوى للدول الـ 11 الذي يمر عليها يشكل النهر لدولة زراعية في المقام الأول كمصر مكانة مختلفة عن باقي الدول.وقديماً أطلق المؤرخ اليوناني على مصر أنها هبة النيل، وبدون النيل ستتحول مصر إلى صحراء جرادء، ومحلياً يعتز المصرييون بنهر النيل وارتبطوا به على مدار سنوات حتى كان شعرائهم يسمون باسمه ومغنوهم يغنون له.أحلامهظ وأغانيهم تحولت فجأة إلى كابوس في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 عندما أعلنت أثيوبيا الشروع في بناء سد النهضة لأهداف تنموية بتكلفة 4.2 مليار دولار يشكل تهديدًا لإمداداتهما المائية.على مدار سنوات لم تفلح محاولات القاهرة والخرطوم في إثناء إثيوبيا عن التحكم الأحادي في سد النهضة حيث أعلنت مصر مراراً أن إثيوبيا أغفلت الاتفاقيات التاريخية حول حصص مصر والسودان في المياه من نهر النيل، كما عطلت من جانب واحد اتفاقية المبادئ الموقعة بين الأطراف المعنية في عام 2015.
القلق المصري والسوداني أخذ في التصاعد لسنوات حيث لم تتوقف أثيوبيا في ملء السد لخمس مرات متتالية أخرها كان في سبتمبر 2024 رغم لجوء مصر للتصعيد وإعلانها مراراً وتكراراً أنها لن تسمح بأي مساس بحصتها المائية.وفي يوليو/ تموز 2022، أعلنت إثيوبيا أن الملء السنوي الأول لسد النهضة قد تحقق.وفي يوليو 2021، أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية أن الملء الثاني لسد النهضة تم وبالكمية التي كانت مقررة من قبل وهي 13.5 مليار متر مكعب.وبحجم 22 مليار متر مكعب، أعلنت الحكومة الإثيوبية، اكتمال الملء الثالث لسد النهضة في أغسطس/ آب عام 2022.وفي سبتمبر/ أيلول 2023، أكملت أثيوبيا الملء الرابع لسد النهضة، وتم الانتهاء من الملء الخامس والأخير لسد النهضة في سبتمبر الماضي.قلق قادم مخاوف القاهرة المشروعة يؤكدها الخبير المائي المصري الدكتور “عباس شراقي” الذي يرى في حديثه لـ”بريفليكس” أن كافة السبل أن أثيوبيا تعمدت خلال سنوات تجاهل كافة الاتفاقيات مع مصر والسودان ما أثار قلقهم حول أمنهما المائي كونها يعتمدان على مياه النيل بشكل رئيسي في الزراعة على وجه التحديد.وأن من خلال عملية الملء الخامس والأخير لسد النهضة أصبح السد الآن ممتلء عن آخره في الخزان وووصل إلى أقصى حد له. لكن المخاوف المشروعة للقاهرة تتعلق بالأضرار المحتملة، خاصة في حال عدم وجود اتفاق واضح بين الأطراف الثلاثة (مصر، السودان، وإثيوبيا لأن عدم التنسيق مع الجانب الإثيوبي قد يتسبب في أزمة حقيقية
باعتبار أن أثيوبيا تتحرك بشكل أحادي ولا تعرف مصر والسودان نعرف متى سيتم فتح بوابات السد وكمية المياه التي ستصل إليهما وفي أي توقيت.كما أن الوضع قد يكون أكثر صعوبة بالنسبة للسودان، بسبب صغر حجم سدودها، حيث لا تستطيع تحمل انقطاع المياه لفترات طويلة.الخبير المائي يوضح أن عن إمكانية قيام إثيوبيا بإغلاق السد بشكل جزئي لمدة أشهر، سيكون له تأثير محدود على مصر لأنها تعتمد على السد العالي. لكن بالنسبة للسودان، أكد أنه سيكون هناك ضرر كبير في حال حدوث انقطاع طويل للمياه لأن سدودها صغيرة ولا تتحمل.تخوف آخر يتحسب له المصريون أن يكون سد النهضة مجرد بداية لفتح شهية أثيبويا أو دول المصب لتشيد سدود أخرى تؤثر على حصة مصر والسودان اللذان يعتمدان على مياه النيل بشكل رئيسي.