مبعوث وزير الخارجية الإماراتي يكتب: على ترامب أن يقود سلام شامل في الشرق الأوسط

#image_title #separator_sa #site_title

نشرت صحيفة Financial Times البريطانية، مقالاً باللغة الإنجليزية بعنوان “يجب على ترامب أن يقود الطريق نحو اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط”، نقلاً عن مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية والمبعوث الخاص لوزير الخارجية الإماراتي.

وجاء مفاده على النحو التالي:

مباشرة بعد الهجوم الصارخ الذي شنّته إيران على قطر في 23 يونيو، انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى شركائها في مجلس التعاون الخليجي في اجتماع طارئ عقد في الدوحة.

أكدنا على أن أمننا الجماعي لا يتجزأ، وقدمنا مسارات عملية للمضي قدمًا.

لم يكن من المفترض أن تُفاجئ الجولة الأخيرة من القتال أحدًا.

فهي نتيجة عقود من الفرص الضائعة والقيادة غير الفعالة، وتفشي الصراعات بالوكالة التي قوّضت فرص السلام الدائم لشعوب المنطقة.

لسنوات، سيطرت فكرتان مغلوطتان على الشرق الأوسط: الأولى أن القوة وحدها قادرة على تحقيق الاستقرار والأمن، والثانية أن الدول في منطقتنا يمكن أن تُبنى بأمان على أساس أيديولوجيات متطرفة.

لكن الواقع يقول إن الانتصارات العسكرية غالبًا ما تكون جوفاء وهشة، وأن الأيديولوجيات المتطرفة لا تستطيع أبدًا أن تخلق مجتمعات آمنة أو مستقرة أو ناجحة.

ومع اقتراب غلق نافذة خفض التصعيد، تبرز فرصة أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لصناعة إرثٍ في ولايته الثانية يتمثل في إحلال السلام في الشرق الأوسط، انطلاقًا من إنجازه التاريخي في ولايته الأولى: “اتفاقيات أبراهام”.

فعلى مدى 20 شهرًا من الحرب في غزة والتوسع المستمر في المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة، عمل قادة الإمارات بلا كلل مع شركاء إقليميين ودوليين لتعزيز جهود وقف إطلاق النار.

ومن خلال الدبلوماسية والانخراط مع جميع الأطراف، شددت الإمارات باستمرار على ضرورة استئناف الحوار.

وفي الأسبوع الماضي، دعا مجلس التعاون الخليجي ترامب إلى اتخاذ خطوة أبعد.

وبينما أشاد بـ”تحقيقه وقفًا لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل”، طالبته دول الخليج بـ”بذل جهود لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة”.

فالحرب الجارية في غزة هي نتيجة فشل جماعي في بناء سلام شامل وعادل ومستدام.

أما الصراعات التي تلتها في لبنان وسوريا واليمن وإيران فقد دفعت بالمنطقة إلى حافة الهاوية.

الطريق الذي نختاره الآن سيحدد مستقبل الشرق الأوسط لعقود قادمة، تمامًا كما حدث عندما رُسمت حدود المنطقة من قبل قوى خارجية في أعقاب الحرب العالمية الأولى.

اليوم، تقع المنطقة في قلب الاستقرار العالمي، وممراتها المائية تمثل شريانًا حيويًا للتجارة العالمية.

ما يقرب من 30% من شحنات النفط المنقولة بحرًا تمر عبر مضيق هرمز، والمنطقة باتت بسرعة مركزًا لصناعات المستقبل مثل الذكاء الاصطناعي المعتمد على الكهرباء الخالية من الكربون.

مصير الشرق الأوسط مرتبط بمصير الاقتصاد العالمي وأمن مليارات البشر.

ومع ذلك، لا تزال دائرة العنف تهدد بإعادتنا إلى الوراء من جديد.

وبين كل هذا المعاناة واليأس، لدينا فرصة لا تتكرر إلا مرة في الجيل لإعادة تشكيل المنطقة.

ولكن علينا ألا نكرر أخطاء الماضي التي عرقلت المنطقة لأكثر من قرن، بما في ذلك رسم الحدود التعسفي والسعي وراء صراعات القوى الكبرى على حساب الشعوب المحلية.

في جميع أنحاء المنطقة، تمزق الفصائل المسلحة والميليشيات المجتمعات، وتعجز الدول عن تلبية أبسط احتياجات شعوبها.

وطالما بقيت هذه الأسباب الجذرية لانعدام الاستقرار دون معالجة، فإن أي تصعيد خطره أن يتحول إلى صراع أوسع. لقد دعت الإمارات منذ وقت طويل إلى “أجندة معتدلة” – رؤية شاملة لاقتصادات مترابطة، وشعوب تتشارك الازدهار.

وتجاوز وقف إطلاق النار المؤقت يتطلب معالجة هذه الإخفاقات الهيكلية.

وعلى الدول أن تتحلى بالشجاعة للجلوس إلى طاولة السلام وهي تحمل خطة جريئة وطموحة للمستقبل.

ومن المهم أن يتعاون الشركاء العرب، إلى جانب الولايات المتحدة، وإسرائيل، وإيران، على صياغة هيكل أمني إقليمي يوفّر الحوافز والردع والضمانات.

ويتضمن ذلك خطة شاملة للاندماج الاقتصادي والاستثمار لتعزيز النمو؛ وخططًا لتثبيت الأوضاع في لبنان وسوريا والعراق واليمن؛ واتفاقيات نهائية بشأن جميع النزاعات الحدودية؛ وإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل آمنة.

وهذا يتطلب من إسرائيل الانخراط في مفاوضات حقيقية للوصول إلى حل سياسي عادل.

طالما يُحرم الفلسطينيون من دولتهم، سيظل الصراع مستمرًا في المنطقة.

وعلى خلاف الاتفاقيات السابقة التي استُبعدت فيها الأطراف الإقليمية الأساسية، يجب أن تلعب المنطقة نفسها دورًا محوريًا.

إن الإمارات مستعدة لبناء الجسور حيث يرى الآخرون جدرانًا، لأننا نؤمن بأنه لا توجد استراتيجية “جدار حديدي” يمكن أن تحقق نصرًا كاملاً لأي بلد أو شعب.

هذه اللحظة التاريخية ستحدد ما إذا كان الشرق الأوسط سيبقى مصدرًا للصراع في العالم، أو يصبح حجر الأساس للسلام والازدهار، مدفوعًا بتقنيات المستقبل.

لقد حان وقت الاتفاق الشامل. والسؤال الوحيد الآن: من يجرؤ على أن يقود الطريق؟

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *