ماذا حدث؟
لعقود، لعبت الميليشيات المسلحة دوراً محورياً في صراعات الشرق الأوسط، من حزب الله في لبنان (1982) إلى حماس في غزة، والحوثيين في اليمن، وقوات الحشد الشعبي في العراق، والميليشيات الكردية والسورية.
هذه الجماعات، شكلت توازنات القوى وأثرت على مصائر الدول، لكن منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، والحرب الإسرائيلية على غزة، والضربات الإسرائيلية على حزب الله وإيران في 2025، بدأ الوضع يتغير.
في سوريا، تحولت الميليشيات إلى قوات نظامية بعد سقوط نظام الأسد.
في لبنان، يواجه حزب الله ضغوطاً لنزع سلاحه بعد خسائر قاسية، خاصة جنوب الليطاني.
في العراق، دعا مقتدى الصدر إلى حل الميليشيات وتسليم أسلحتها للدولة.
في فلسطين، حماس قد تضطر لتسليم سلاحها لإنهاء الحرب في غزة، وفق شروط نتنياهو.
في تركيا، كما دعا عبدالله أوجلان حزب العمال الكردستاني لإلقاء السلاح.
لماذا هذا مهم؟
هذه التغيرات تشير إلى إمكانية استعادة الدول احتكار القوة، وهو تحول قد ينهي عقوداً من الفوضى التي غذتها الميليشيات.
الضربات الإسرائيلية على حزب الله، وحماس، وإيران وضعت هذه الجماعات في موقف دفاعي، مما أتاح للحكومات فرصة فرض السيطرة.
لكن التحديات كبيرة: الميليشيات المتجذرة، مثل الحشد الشعبي وحزب الله، تملك دعماً شعبياً وأسلحة ثقيلة، ونزع سلاحها قسرياً قد يؤدي إلى حروب أهلية.
يرى المحلل ثاناسيس كامبانيس أن هذه اللحظة “نقطة تحول خطيرة”، حيث يمكن للدول استعادة السلطة إذا قدمت ضمانات أمنية وسياسية.
لكن الحديث عن نهاية الميليشيات سابق لأوانه، لأن استمرار وجود جماعات مثل قسد والحوثيين خارج سيطرة الدول، والفشل في دمج هذه الجماعات قد يجدد الصراعات، بينما النجاح قد يعيد قرار الحرب والسلم إلى الدول.
ماذا بعد؟
مستقبل الميليشيات يعتمد على قدرة الدول على دمجها أو نزع سلاحها بطرق سلمية.
في سوريا، دمج ميليشيات في الجيش السوري يظهر إمكانية التحول، لكن جماعات مثل قسد لا تزال مستقلة.
في لبنان، حزب الله قد يقاوم نزع السلاح الكامل للحفاظ على دوره السياسي، لكنه قد يقبل بتسليم أسلحته في الجنوب تحت ضغط أمريكي وإسرائيلي.
في العراق، نزع سلاح الحشد الشعبي يتطلب ضمانات سياسية لتجنب الصراع، مع اقتراحات لتحويلهم إلى قوات احتياطية تحت إشراف وزارة الدفاع.
في اليمن، الحوثيون يواجهون ضغوطاً متزايدة، لكن نفوذهم لا يزال قوياً.
الخبراء، مثل كامبانيس، يرون أن الدمج الجزئي في هياكل الدولة، مع ضمانات اقتصادية وسياسية، هو النهج الأكثر واقعية، وأن التاريخ يظهر نجاحات محدودة، كما في لبنان بعد الحرب الأهلية (1990)، لكن الفشل في إدارة هذا التحول قد يؤدي إلى صراعات جديدة، خاصة إذا شعرت الميليشيات بخسارة نفوذها بالكامل.