ماذا بعد رفع العقوبات الأمريكية على سوريا؟

ماذا بعد رفع العقوبات الأمريكية على سوريا؟

ماذا حدث؟

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع جميع العقوبات الأمريكية عن الحكومة السورية، بعد خمسة أشهر من الإطاحة بنظام بشار الأسد في هجوم مفاجئ قادته جماعة الرئيس الجديد أحمد الشرع.

جاء الإعلان خلال زيارة ترامب للرياض، مدعومًا بدعوات من السعودية وتركيا لتخفيف العقوبات لدعم إعادة إعمار سوريا.

تهدف هذه الخطوة إلى تمكين الحكومة الجديدة من استعادة الاستقرار الاقتصادي وإعادة بناء البلاد بعد عقد من الحرب الأهلية.

ومع ذلك، تثير شخصية الشرع، المرتبط سابقًا بالقاعدة، وتقارير عن انتهاكات ضد الأقليات، تساؤلات حول نواياه.

تشمل العقوبات المرفوعة تلك المفروضة بموجب قانون قيصر، لكن عقوبات على جماعة هيئة تحرير الشام، التي جاءت بالشرع إلى السلطة، قد تظل قائمة بسبب تصنيفها كمنظمة إرهابية.

لماذا هذا مهم؟

يُعد رفع العقوبات تحولًا جيوسياسيًا كبيرًا يعيد تشكيل دور سوريا في المنطقة:

اقتصاديًا، يفتح الباب أمام استثمارات دولية في إعادة إعمار سوريا، التي تُقدر تكلفتها بـ400 مليار دولار، مما يتيح لشركات أمريكية منافسة نظيراتها الصينية ويقلل الاعتماد على روسيا وإيران.

سياسيًا، يعزز الخطوة نفوذ السعودية وتركيا، اللتان ضغطتا لتغيير السياسة الأمريكية، ويمهد لإعادة دمج سوريا في المحور العربي المعتدل، بعيدًا عن إيران.

كما يرسل إشارة إلى طهران بأن ترامب قد يخفف العقوبات إذا غيرت سلوكها، خاصة مع ضعف شبكتها الإقليمية.

ومع ذلك، تثير الخطوة مخاوف من تراجع طائفي، حيث شهدت فترة حكم الشرع هجمات ضد الأقليات مثل العلويين، ويفتقر الدستور الجديد إلى حماية صريحة للتنوع الاجتماعي، فإذا لم تُدار بحذر، قد تؤدي هذه الخطوة إلى عدم الاستقرار أو تعزيز التطرف، خاصة إذا فشل الشرع في الوفاء بالتزاماته ببناء دولة شاملة.

ماذا بعد؟

تعتمد النتائج على قدرة الشرع على تحقيق الاستقرار وكسب الثقة الدولية، وعلى عدة عوامل:

أولًا، يجب على الولايات المتحدة وضع استراتيجية لرفع العقوبات تدريجيًا، مع إمكانية إعادة فرضها إذا انحرفت سوريا نحو التطرف أو التسلط، ويتطلب ذلك تنسيقًا مع الأمم المتحدة لإعادة تقييم تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية.

ثانيًا، ستتوقف إعادة الإعمار على استثمارات خليجية وأوروبية، حيث بدأت الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في تخفيف عقوباتهما على القطاعات المالية والطاقة، لكن غياب الدعم المالي الأمريكي قد يسمح لروسيا والصين بملء الفراغ، مما يعزز نفوذهما في سوريا.

ثالثًا، يجب مراقبة التزام الشرع بحماية الأقليات والتفاوض مع القوات الكردية لتجنب الصراعات الطائفية.

رابعًا، ينبغي إنشاء صندوق لضحايا سوريا باستخدام عائدات العقوبات السابقة لدعم التعافي ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، بما في ذلك الأسد.

إذا نجح الشرع في بناء سوريا مستقرة وشاملة، فقد يصبح هذا انتصارًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، يضعف إيران وروسيا ويعزز الاستقرار الإقليمي، لكن الفشل قد يعيد سوريا إلى الفوضى، مما يتطلب من واشنطن وشركائها نهجًا دقيقًا يجمع بين الحوافز والرقابة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *