ماذا بعد تطويق إسرائيل لرفح الفلسطينية؟

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

مدعومة بجرافات ودروع ثقيلة، وسعت القوات الإسرائيلية نطاق عملياتها البرية داخل قطاع غزة، لتعلن فعليًا عن استكمال تطويق مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، وذلك بعد سيطرتها على “ممر موراغ” الاستراتيجي الذي يفصل بين خان يونس ورفح.

هذا التمدد العسكري ترافق مع إصدار 20 أمرًا بإخلاء السكان منذ 18 مارس 2025، شملت كامل مدينة رفح، مما دفع أكثر من 400 ألف فلسطيني للنزوح مجددًا، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.

غزة أصبحت اليوم منطقة مقطعة الأوصال، حيث باتت أكثر من ثلثي أراضيها إما مناطق إخلاء أو محظورة على الفرق الإنسانية.

وفي الوقت الذي تكافح فيه العائلات للبقاء على قيد الحياة وسط أكوام من الحطام والنفايات، لا تزال القوات الإسرائيلية تشدد الخناق بهدف الضغط على حركة “حماس” لتحرير الأسرى الإسرائيليين.

في شوارع غزة المزدحمة، تظهر مشاهد النزوح كابوسًا متكررًا؛ حيث يتكدس الناس في الخيام على جنبات الطرق، وبعضهم يعيش وسط القمامة بسبب نقص المساحات.

وفي ظل غياب الغذاء والدواء والماء، توقفت المخابز، ونفدت أدوية السرطان و37% من الأدوية الأساسية، بينما لم تدخل المساعدات إلى غزة منذ ستة أسابيع.

لماذا هذا مهم؟

هذا التصعيد لا يشكل مجرد تطورًا عسكريًا، بل يعيد رسم معالم القطاع جغرافيًا وديموغرافيًا، فوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف كاتس أعلن بصراحة أن الهدف هو تقليص مساحة غزة عبر إنشاء مناطق أمنية عازلة تُفرغ من سكانها، واعتبار من يتبقى “مقاتلاً”.

هذا الطرح، المقترن بتصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن “تمكين سكان غزة من اختيار الهجرة الطوعية”، يشير إلى استراتيجية ممنهجة تستهدف إحداث تغيير جذري في مستقبل القطاع وسكانه، في انسجام مع رؤية قديمة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حول إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة.

أهمية ما يجري لا تنبع فقط من الكارثة الإنسانية الآخذة في التفاقم، بل من ما يمكن أن يُقرأ كتحول في جوهر الصراع: من مواجهة مع “حماس” إلى مشروع إعادة هندسة الواقع السكاني والسياسي لغزة.

وفي هذا السياق، تظهر التحذيرات الأممية بأن مخيمات النازحين تتعرض للقصف، وأن غالبية الضحايا في بعض الغارات هن نساء وأطفال، وهو ما يطرح تساؤلات عن حدود العمليات العسكرية وأهدافها النهائية.

ماذا بعد؟

في ظل هذا الواقع، تتجه الأنظار إلى مسارين متوازيين: الأول إنساني بامتياز، يدور حول إمكانية تحرك المجتمع الدولي لإنهاء الحصار وتمرير المساعدات وتثبيت هدنة جديدة؛ وهو ما يبدو بعيد المنال في ظل انسداد الأفق السياسي ورفض إسرائيل التراجع دون تحقيق أهدافها.

أما المسار الثاني فهو سياسي استراتيجي، يتعلّق بمصير قطاع غزة نفسه، فإذا استمر تطبيق خطة “التفريغ السكاني” والتوسع في المناطق العازلة، فإن القطاع كما عرفه العالم منذ عقود قد يختفي تدريجيًا ليحل محله كيان مضطرب ولا يصلح للحياة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *