لوقف الحرب.. هل يحتاج بوتين إلى عصا ترامب أم إلى جزرته؟

#image_title

ماذا حدث؟

شهدت الأسابيع الأخيرة حراكاً دبلوماسياً مكثفاً بين الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي، وسط تصاعد وتيرة الجهود لإنهاء الحرب الدائرة في أوكرانيا.

وتتجه الأنظار حالياً إلى مكالمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط حالة من الترقب العالمي بشأن مصير الأزمة.

وفي خطوة أولى نحو تهدئة الأوضاع، نجح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز، خلال محادثات أجريت في الرياض، في إقناع المسؤولين الأوكرانيين بالموافقة على وقف فوري لإطلاق النار لمدة ثلاثين يوماً.

غير أن الكرملين، برئاسة بوتين، لا يزال يتباطأ في الرد، رافضاً حتى الآن بشكل غير رسمي هذه المبادرة، بينما يضع شروطاً تعجيزية تُقوّض فرص التوصل إلى سلام دائم.

بوتين، الذي يدّعي التمسك بخيار “السلام”، يواصل الضغط على الغرب للتخلي عن دعم أوكرانيا، معيداً الحديث إلى “جذور الأزمة” التي يرى أنها تتمثل في استقلال كييف عن موسكو.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه الجميع نتائج الاتصال بين ترامب وبوتين، بات واضحاً أن واشنطن قد تلجأ إلى تصعيد الضغوط الاقتصادية إذا لم يتم إحراز تقدم ملموس.

لماذا هذا مهم؟

أهمية هذه التطورات تنبع من احتمال أن تكون نقطة تحول حاسمة في مسار الحرب الأوكرانية، فواشنطن، وفقاً لما يتردد في أروقة الإدارة الأمريكية، باتت مستعدة لتصعيد غير مسبوق ضد موسكو عبر فرض حزمة من العقوبات الاقتصادية الأشد قسوة منذ بدء الصراع.

وفي هذا الإطار، بدأت وزارة الخزانة الأمريكية بالفعل خطوات تصعيدية عبر إغلاق ثغرة في العقوبات كانت تسمح لبعض الشركات بمعالجة مدفوعات تتعلق بقطاع الطاقة الروسي.

كما تدرس إدارة ترامب خيارات إضافية، تشمل فرض عقوبات دائمة على مشروعات خطوط أنابيب الغاز الروسية مثل “نورد ستريم 1 و2” و”ترك ستريم”، فضلاً عن موانئ ومنشآت الغاز المسال.

الضغوط لا تتوقف هنا؛ إذ تسعى واشنطن أيضاً إلى تقويض شبكة “الأسطول الخفي” الروسي من ناقلات النفط التي تتجنب العقوبات وتكسر سقف الأسعار المفروض على النفط الروسي.

كما يتم التفكير في استحداث قائمة بيضاء لتجار النفط المعتمدين، لضمان عدم تلاعب موسكو بالأسعار عبر العقود المزورة.

ماذا بعد؟

في حال فشل ترامب في إقناع بوتين بوقف غير مشروط لإطلاق النار، يبدو أن واشنطن ماضية نحو تفعيل سياسة “الضغط الأقصى” ضد الكرملين.

تشمل هذه السياسة، مزيجاً من العقوبات المالية الشاملة، وحظر تجاري واسع النطاق، وتوسيع القيود على التكنولوجيا المرتبطة بالصناعات العسكرية والطاقة.

ومن المتوقع أن يحظى هذا النهج بدعم من الكونغرس الأمريكي، خاصة مع وجود مقترحات مثل حزمة العقوبات “ساحقة العظام” التي طرحها السيناتور ليندسي غراهام، إلى جانب تنسيق متزايد مع شركاء أوروبا وحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، وفي مقدمتهم السعودية، لضمان الحفاظ على استقرار أسواق الطاقة رغم أي تشديد للعقوبات على روسيا.

في المحصلة، يبدو أن ترامب يقف أمام خيارين: إما أن ينجح في إقناع بوتين بجزرة وقف إطلاق النار الفوري، أو أن يلجأ إلى عصا العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة، التي قد تدفع موسكو أخيراً إلى طاولة المفاوضات، ولكن بشروط أكثر صرامة تضمن سلاماً مستداماً لأوكرانيا، وتعيد تشكيل ميزان القوى في أوروبا الشرقية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *