لماذا يعتبر تحالف روسيا والصين وإيران تحالفًا هشًا؟

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

في 15 مارس، اجتمعت الصين وإيران وروسيا في بكين لمناقشة الملف النووي الإيراني، حيث أصدروا بيانًا مشتركًا يدين العقوبات المفروضة على طهران، ويؤكد رغبتهم في إيجاد حل دبلوماسي.

ومع ذلك، لم يحمل الاجتماع أي اختراقات ملموسة، ما يثير تساؤلات حول مدى قوة هذا التحالف.

يبدو أن الهدف الرئيسي من اللقاء لم يكن أكثر من إظهار وحدة شكلية بين الأطراف الثلاثة، مع اقتراب انتهاء بعض بنود الاتفاق النووي، مما قد يعيد فرض العقوبات الدولية على إيران عبر آلية “سناب باك”.

ورغم تنسيقهم في بعض القضايا، إلا أن سجل التعاون بين هذه الدول يظهر نمطًا من المصالح المتباينة والمواقف المتقلبة، ففي عام 2006، صدمت كل من روسيا والصين طهران عندما دعمتا فرض عقوبات أممية عليها، بعد أن كانت تعرقل مثل هذه الخطوات سابقًا.

ومنذ ذلك الحين، تبنت موسكو وبكين استراتيجية مزدوجة: تخفيف العقوبات عندما يناسبهما ذلك، والتشدد في مواقفهما عندما تجد إيران نفسها في مأزق دبلوماسي.

لماذا هذا مهم؟

رغم ما يبدو من تناغم بين الدول الثلاث، إلا أن المصالح القومية لكل طرف تجعل هذا التحالف هشًا.

الصين، مثلًا، تعتمد على استقرار الشرق الأوسط للحفاظ على تدفق النفط الذي يغطي نصف احتياجاتها، مما يجعلها تميل إلى اتخاذ مواقف متوازنة لتجنب التصعيد. وقد لعبت دورًا محوريًا في تهدئة التوتر بين السعودية وإيران عام 2023، وهو ما يشير إلى عدم رغبتها في اتخاذ موقف دائم لصالح طهران.

أما روسيا، فهي ترى في إيران ورقة ضغط يمكن استخدامها عند الحاجة للحصول على تنازلات من الغرب، وليس شريكًا استراتيجيًا دائمًا.

على مدار العقود الماضية، استخدمت موسكو الملف النووي الإيراني كورقة مساومة، تارة لدعم طهران، وتارة أخرى للضغط على واشنطن من أجل تحقيق مكاسب جيوسياسية، كما فعلت في عام 2010 عندما أيدت قرارًا أمميًا ضد إيران مقابل إعادة تفعيل التعاون النووي مع الولايات المتحدة.

في ظل الحرب في أوكرانيا، باتت العلاقة بين موسكو وطهران أكثر تقاربًا، حيث قدمت إيران دعماً عسكريًا لروسيا، لكن هذا لا يعني أن روسيا ستخاطر بمواجهة مباشرة مع الغرب بسبب إيران.

كما أن تاريخ العلاقات بين البلدين مليء بالتوترات، فعندما سمحت إيران لروسيا باستخدام قاعدة جوية شمالية لضرب أهداف في سوريا، واجهت الحكومة الإيرانية موجة انتقادات حادة، مما دفعها إلى التراجع سريعًا عن القرار.

ماذا بعد؟

مع اقتراب مناقشة الملف النووي الإيراني مجددًا في مجلس الأمن، من المتوقع أن تحاول واشنطن استغلال هذه الانقسامات بين الصين وروسيا وإيران للضغط على طهران.

وكما حدث بين عامي 2002 و2006، قد تجد الصين وروسيا نفسيهما في موقف يجبرهما على تقديم تنازلات، خاصة إذا استمرت إيران في التصعيد أو قررت الانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

علاوة على ذلك، تملك الولايات المتحدة أوراق ضغط اقتصادية، مثل فرض قيود على عائدات النفط الإيراني، وهو أمر قد يكون مغريًا للصين إذا قدمت واشنطن تنازلات في قضايا أخرى، مثل تخفيف الحرب التجارية.

أما روسيا، فقد تحاول تقديم نفسها كوسيط بين إيران والغرب، لكن أي مقايضة مع موسكو ستحتاج إلى ضمانات صارمة حتى لا تستغلها لدعم حربها في أوكرانيا أو تعزيز علاقاتها العسكرية مع طهران.

في النهاية، ورغم محاولات إظهار التماسك، يبقى تحالف روسيا والصين وإيران مجرد تقاطع مؤقت للمصالح، وليس تحالفًا استراتيجيًا متينًا، لذا، فإن أي تصعيد في الملف النووي الإيراني قد يكشف عن تصدعات جديدة، مما يتيح لواشنطن فرصة لإعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *