لماذا فشلت كل محاولات انضمام كندا للولايات المتحدة؟

#image_title #separator_sa #site_title

على الرغم من أن كندا تمتد بمحاذاة الحدود الشمالية الكاملة للولايات المتحدة، فإن العلاقة بين الجارتين لم تصل قط إلى حد الاتحاد أو الانضمام الكامل.

قد يعرف الأمريكيون كندا من خلال صور نمطية بسيطة: الشراب بالقيقب، والهوكي، واللباقة، والغابات الممتدة، وربما نجمين من نجوم هوليوود مثل رايان غوسلينغ ورايان رينولدز.

لكن خلف تلك التصورات، تقبع قصة طويلة ومعقدة من المحاولات الأمريكية لضم كندا إلى اتحادها، ومحاولات كندية متكررة للحفاظ على الاستقلال.

بدايات الطموح الأمريكي

تعود أولى محاولات ضم كندا إلى حقبة الثورة الأمريكية في عام 1777، عندما نصت مواد الاتحاد القاري على إمكانية انضمام كندا (التي كانت تشير حينها إلى كيبيك) إلى الولايات المتحدة بشرط موافقة تسع من الولايات الثلاث عشرة الأصلية، لكن الاختلافات الدينية واللغوية، حيث كانت كيبيك كاثوليكية وفرنكوفونية في مقابل نيو إنجلاند البروتستانتية والناطقة بالإنجليزية، حال دون تحقيق هذا الطموح.

وفي عام 1775، قاد الجنرال جورج واشنطن والضابط بينيديكت أرنولد محاولة عسكرية لاحتلال كيبيك، فيما عُرف بـ”حملة كندا”، إلا أن تدخل القوات البريطانية حال دون نجاح الغزو، وأُجبرت القوات الأمريكية على الانسحاب بحلول مايو 1776.

غزوات القرن التاسع عشر

لم تتوقف الأطماع الأمريكية عند حدود الثورة، ففي عام 1812، وخلال صراع بحري مع بريطانيا، غزت الولايات المتحدة كندا مجددًا، لكن بدون نتيجة تُذكر.

وتكررت محاولات التدخل خلال الحرب الأهلية الأمريكية (1861–1865)، بل إن مجموعة من الإيرلنديين الأمريكيين اجتاحت كندا عام 1866 لاستخدامها كورقة ضغط لتحرير أيرلندا من التاج البريطاني، لكن هذه الهجمات، بدلًا من تقوية فرص الاتحاد، عززت النفور الكندي من الجار الجنوبي.

وفي الأربعينيات والخمسينيات من القرن التاسع عشر، ظهرت أصوات كندية محافظة تطالب بالانضمام إلى الولايات المتحدة، خاصة في بريتيش كولومبيا، لكن سرعان ما خمدت تلك الأصوات مع تطور الشعور بالهوية الوطنية الكندية.

عقبات ثقافية وإدارية عميقة

رغم وجود دعوات سياسية متفرقة في القرن العشرين، مثل حزب “الوحدة الاقتصادية” في نيوفاوندلاند، أو “حزب الوحدة” في ساسكاتشوان، أو “حزب 51” في كيبيك، فإن هذه الحركات لم تحظَ بدعم شعبي واسع، ولم تفضِ إلى أي تحولات ملموسة.

الواقع أن فكرة انضمام كندا للولايات المتحدة تعاني من معضلة تطبيقية عميقة: هل تنضم البلاد كدولة واحدة؟ أم تُدمج مقاطعاتها العشر كمجموعة من الولايات؟ وكيف سيتم التعامل مع الفروقات اللغوية، والثقافية، والتشريعية، خاصة مع وجود أقليات لغوية مثل الإينوك والفرنكوفونيين؟ هذه الأسئلة الكثيرة تكشف مدى تعقيد تنفيذ فكرة الاتحاد، حتى على الورق.

الكنديون اليوم

في العصر الحديث، ومع تصاعد التوترات الاقتصادية والسياسية خلال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عاد الجدل إلى الواجهة.

وصف ترامب كندا بـ”الولاية الـ51″، وأطلق على رئيس وزرائها لقب “الحاكم ترودو”، لكن رئيس الوزراء الكندي السابق رد ساخرًا بأن هذه التصريحات تهدف فقط إلى تدمير الاقتصاد الكندي تمهيدًا لضم البلاد.

أما رأي الشارع الكندي، فبحسب استطلاع أجراه معهد Ipsos عام 2025، فإن 30% فقط من الكنديين قالوا إنهم قد يوافقون على الانضمام للولايات المتحدة شريطة الحصول على الجنسية الأمريكية الكاملة وتحويل أصولهم إلى الدولار الأمريكي.

وفي حال انفصال مقاطعات مثل كيبيك أو ألبرتا، أعرب 22% عن رغبتهم في الانضمام للولايات المتحدة.

ولكن تبقى هذه النسب ضئيلة مقارنة بعدد سكان كندا البالغ 41 مليون نسمة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *