لماذا سيصعب إقامة دولة فلسطينية رغم اعتراف دول العالم؟

لماذا سيصعب إقامة دولة فلسطينية رغم اعتراف دول العالم؟

ماذا حدث؟

في الآونة الأخيرة، أعلنت دول غربية بارزة مثل فرنسا والمملكة المتحدة وكندا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين بحلول سبتمبر 2025، لينضموا إلى أكثر من 140 دولة أخرى، بما في ذلك 147 عضوًا في الأمم المتحدة، التي تعترف بفلسطين كدولة ذات سيادة منذ إعلان الاستقلال عام 1988.

هذه الخطوات تأتي وسط إحباط دولي متزايد من سلوك إسرائيل في غزة والضفة الغربية، حيث قُتل أكثر من 60,000 فلسطيني في غزة منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.

ومع ذلك، تظل الولايات المتحدة، بفيتوها في مجلس الأمن، عقبة رئيسية أمام العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض بشدة فكرة الدولة الفلسطينية، معتبرًا أنها ستشكل تهديدًا أمنيًا لإسرائيل، بينما يدعو وزراء متطرفون في حكومته إلى ضم الضفة الغربية.

هذه التطورات تأتي في ظل توترات متصاعدة وانقسامات داخلية فلسطينية، مع ضعف السلطة الفلسطينية وسيطرة حماس على غزة.

لماذا هذا مهم؟

الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، رغم أهميته الرمزية، لا يكفي لإقامة دولة قابلة للحياة بسبب عقبات جوهرية:

أولاً، إسرائيل، التي تحتل الضفة الغربية وتسيطر على حدود غزة ومجالها الجوي، وسعت مستوطناتها بشكل كبير، مما يقطع أوصال الأراضي الفلسطينية ويجعل إقامة دولة متصلة جغرافيًا صعبة.

ثانيًا، الانقسام الفلسطيني الداخلي بين السلطة الفلسطينية، التي تُنظر إليها على أنها فاسدة وغير فعالة، وحماس، التي ترفضها دول غربية كمنظمة إرهابية، يعيق تشكيل حكومة موحدة قادرة على إدارة دولة.

ثالثًا، رفض إسرائيل، بقيادة نتنياهو وحلفائه المتطرفين، لأي تنازل عن الأراضي المحتلة عام 1967، إلى جانب الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، يحول دون الاعتراف الكامل بفلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة.

هذه العوامل تجعل الاعتراف الدولي خطوة رمزية لا تغير الواقع على الأرض، حيث يعاني الفلسطينيون من الحصار، وتقييد الحركة، وتدمير البنية التحتية، خاصة في غزة، التي شهدت دمارًا بنسبة 70% وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.

ماذا بعد؟

إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة تتطلب تجاوز العقبات الهيكلية والسياسية، فاتفاقيات أوسلو في التسعينيات، التي وضعت إطارًا لدولة فلسطينية على حدود 1967 مع تبادل أراضٍ، لم تُنفذ بسبب الانتفاضة الثانية، واغتيال إسحاق رابين، وتوسع المستوطنات.

نتنياهو، بدعم من وزراء يدعون إلى ضم الضفة الغربية، يعارض بشدة أي دولة فلسطينية، مما يجعل المفاوضات شبه مستحيلة.

الضغط الدولي المتزايد، خاصة من حلفاء الولايات المتحدة مثل فرنسا وبريطانيا، قد يدفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة تقييم موقفه، خاصة مع رغبته في توسيع اتفاقيات إبراهام وتحقيق سلام إقليمي.

ومع ذلك، بدون شريك إسرائيلي مستعد للتفاوض، قد يؤدي الاعتراف الدولي إلى تعزيز عزلة إسرائيل دبلوماسيًا دون تحقيق تقدم ملموس.

الحل يتطلب وساطة دولية قوية، ربما عبر الأمم المتحدة أو السعودية، لإحياء مفاوضات الدولتين، مع ضمانات أمنية لإسرائيل وحقوق سيادية كاملة لفلسطين.

لكن مع استمرار التوترات في غزة والضفة، والانقسامات الفلسطينية، يظل التقسيم الفعلي للأراضي واستمرار الاحتلال الواقع الأكثر ترجيحًا.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *