لماذا رحبت السعودية بأحمد الشرع ورفضت محمد مرسي؟

#image_title

كتب : محمد الزمزمي

السياسة في الشرق.. اللي يعرف يلعبها يكسب، واللي يتذاكى زيادة عن اللزوم.. يروح في خبر كان! في عالمنا يا سادة، لا العروش تُصنع بالديمقراطية، ولا الزعامات تُصنع بالمظاهرات! هنا الحكم ليس للانتخابات ولا لصناديق الاقتراع، بل لصناديق أخرى.. صناديق المال، السلاح، و التحالفات السرية التي تُكتب في العتمة وتُعلن عند الضرورة!

ومع كل تغيير على رقعة الشطرنج السياسية، يخرج علينا وجه جديد يُعلن نفسه “المنقذ”! آخر هؤلاء أحمد الشرع، الرجل الذي كان بالأمس مطلوبًا على قوائم الإرهاب العالمية ، واليوم يجلس على كرسي الرئاسة في دمشق ويزور السعودية بكل وقار، بينما السجاد الأحمر يُفرش تحت قدميه  والكاميرات تلتقط له الصور مع كبار المسؤولين! صافحته المملكة بابتسامات عريضة، وأعطته بركات “القبول الرسمي”!

لكن لحظة! هل تذكرون محمد مرسي؟! نفس القصة تقريبًا..دعونا نعود بالذاكرة إلى عام 2012، عندما جلس محمد مرسي على عرش مصر، فماذا حدث؟!
لا استقبالات رسمية، لا زغاريد دبلوماسية، لا حفلات ترحيب.. بل قلق، ثم فاتر الحفاوة، ثم – كما تعرفون – دعمٌ مباشر لإزاحته سريعًا من المشهد!

حتى وجد نفسه في خانة المغضوب عليهم والضالين إلى أن انتهى به الحال في السجن، ثم في القبر!إذًا السؤال هنا: لماذا صافحت السعودية “الشرع”، ولم تفعل الشيء ذاته مع “مرسي”؟
أليس كلاهما خرج من تحت عباءة التيارات الإسلامية؟! أليس كلاهما ارتقى سريعًا إلى الحكم؟ فما الفرق إذن؟
تعالوا نلعب لعبة “اكتشف الفرق”!

لأن الفكرة هنا ليست “من إسلامي ومن ليس كذلك”، بل هي أعمق، وأكثر خبثًا، وأكثر متعة للمراقبين في كواليس السياسة الدولية!

محمد مرسي جاء من جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة – لمن لا يعرف – تحب الحكم أكثر مما تحب الدين نفسه! شعارهم بسيط: “نحكم أو نحرق كل شيء “!

لكن مشكلتهم أنهم تذاكوا أكثر من اللازم.. الرجل عندما دخل القصر الرئاسي، لم يكن فطنا بما يكفي ليُطمئن السعودية، بل بدأ فورًا في التقارب مع إيران، وفتح أبواب العلاقات مع أنقرة والدوحة، وكأنه رئيس جمهورية “الشرق الأوسط المتحدة”، وليس رئيس مصر!

مرسي نسي أن السعودية لا تحب المغامرات السياسية غير المحسوبة، ولا تحب الأنظمة التي تحاول أن تجمعها في تحالف واحد مع “عدوتها اللدودة”.. إيران!

النتيجة؟ مرسي سقط قبل أن يفهم القواعد، وانتهى به الحال في زنزانته وحيدا بدلًا من فسيح  القصور!

أما أحمد الشرع فالرجل جاء من جماعات مسلحة متشددة، نعم، ولكن مشروعه محلي،  فالرجل ليس عنده أوهام “الخلافة الإسلامية”، ولا يتحدث عن “التمكين”، ولا يخطط لتغيير أنظمة الحكم الخليجية! بالعكس، الرجل جاء وفي جيبه رسالة واضحة:

  • “يا جماعة.. أنا ضد إيران، وسأحارب نفوذها في سوريا!”
  • “لا أخطط لإقامة دولة إسلامية، أنا فقط أريد “سوريا جديدة” وبالطبع، بشروط الممولين والداعمين!
  • “والأهم.. لن أتدخل في شؤونكم، ولا أريد تغيير الأنظمة!”

وهنا كانت لحظة الحسم!
السعودية تحب الحلفاء الذين يلعبون داخل الصندوق، ولا يعبثون بأوراق اللعبة الإقليمية. والشرع فعل كل شيء بالشكل الصحيح حتى الآن أو كما يدعي :
  لا تحالفات مشبوهة مع إيران.
  لا أجندة “خلافة إسلامية” تقلق الخليج.
  لا طموحات غير محسوبة تهدد استقرار المنطقة.

إذًا، مرحبًا بالرئيس الجديد!

السياسة في المنطقة تُختصر أحيانًا في سؤال واحد: “أين تقف من إيران؟”

  • محمد مرسي قرر أن “يجرب حظه” مع طهران! استقبل الرئيس الإيراني في القاهرة، وبدأ يتحدث عن إعادة العلاقات بين البلدين، وهو ما اعتُبر في الخليج “ضوءًا أحمر”!
  • أما أحمد الشرع، فهو ضد إيران بالفطرة! الرجل جاء من حرب مباشرة مع الأسد، ومعه مشروع واضح: “لا مكان لإيران في سوريا الجديدة!”

وهكذا، كان الفرق واضحًا..
مرسي فتح الباب لإيران.. فخسر السعودية!
الشرع جاء ليحارب إيران.. ففتحت له السعودية أبواب الكعبة !

مرسي كان قريبًا من قطر وتركيا، وهذا وحده كان كافيًا لجعل السعودية تشعر بالقلق.
أما الشرع؟ الرجل لعب اللعبة بذكاء، لم يقترب من قطر بل هي التي اقتربت منه  ولم يرفع شعار “العثمانية الجديدة” حتى الآن  بل بقي داخل الإطار المقبول خليجيًا!

وهنا الفرق الجوهري..
مرسي راهن على الحصان الخطأ، فانتهى به الأمر خاسرًا!
الشرع عرف كيف يختار أصدقاءه، فتم قبوله كزعيم شرعي!

ماذا بعد؟

اليوم، الشرع يجلس على كرسي الحكم، ولكن إلى متى؟
في هذه المنطقة، لا يوجد كرسي محجوز إلى الأبد..

  • إذا حافظ على توازنه، واستمر في دوره كحاجز ضد إيران، سيبقى في منصبه طويلًا!
  • لكن إذا بدأ يتذاكى، أو فكر في تغيير تحالفاته، أو خرج عن النص المكتوب له.. فقد يجد نفسه فجأة خارج اللعبة!

وفي النهاية، تذكروا هذه الحكمة:
“في الشرق، الحكم ليس للأذكى، بل لمن يعرف متى يبتسم ولمن .. ومتى يصمت!

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *