ماذا حدث؟
أظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحولاً ملحوظاً في موقفه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
بعد سنوات من الإشادة بـ”ذكاء” بوتين و”واقعيته”، عبر ترامب عن إحباطه خلال اجتماع لمجلس الوزراء في 8 يوليو، قائلاً: “يرمي بوتين علينا الكثير من الهراء… إنه لطيف دائماً، لكن ذلك يثبت أنه بلا معنى”.
كما أمر ترامب باستئناف شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، عكس توقفاً قصيراً أقره وزير الدفاع بيت هيغسيث دون علم البيت الأبيض.
هذا التحول جاء بعد تصعيد روسي، حيث قتلت هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ 13 شخصاً في أوكرانيا في 25 مايو.
في 26 مايو، وصف ترامب بوتين بأنه “مجنون تماماً” على منصة Truth Social، محذراً من أن سعيه للسيطرة على كل أوكرانيا قد يؤدي إلى “سقوط روسيا”.
هذه التصريحات تتبع سلسلة محادثات هاتفية، بما في ذلك مكالمة في 19 مايو لم تحقق تقدماً نحو وقف إطلاق النار.
لماذا هذا مهم؟
تحول ترامب يعكس إدراكه أن بوتين لا يأخذ جهوده للسلام على محمل الجد، بل يواصل تصعيد الحرب في أوكرانيا، التي أودت بحياة أكثر من مليون جندي روسي وأضعفت اقتصاد روسيا تحت العقوبات.
ترامب، الذي وعد بحل النزاع “في يوم واحد” خلال حملته الانتخابية، يواجه ضغوطاً لتحقيق “انتصار” دبلوماسي، خاصة بعد نجاحاته في ضربات يونيو 2025 على إيران وزيادة إنفاق الناتو إلى 5% من الناتج المحلي بحلول 2035.
استمرار بوتين في الهجمات، مثل القصف الجوي الأكبر منذ 2022، أحبط طموحات ترامب، مما جعله يشعر بأنه “يُخدع”.
هذا التحول يعزز مصداقية ترامب أمام منتقديه، الذين اتهموه بالتساهل مع روسيا، ويدعم أوكرانيا في مواجهة محور الأنظمة الاستبدادية (روسيا- والصين- وإيران- وكوريا الشمالية)، كما أنه يتماشى مع استراتيجيته “أمريكا أولاً”، التي تسعى لتأكيد الهيمنة الأمريكية عبر ردع الأعداء.
ماذا بعد؟
التحول قد لا يكون نهائياً، لأن ترامب معروف بتقلب مواقفه، لكنه مدعوم هذه المرة بضغوط من الكونغرس، فمشروع قانون عقوبات جديد ضد روسيا، برعاية 84 سيناتوراً، قد يُطرح للتصويت قريباً، بدعم من السيناتور ليندسي غراهام ورئيس مجلس النواب مايك جونسون.
ترامب قد يشدد العقوبات إذا استمر بوتين في رفض وقف إطلاق النار، خاصة مع خطط روسيا لهجوم صيفي جديد.
أوكرانيا، بدعم أوروبي، ستواصل القتال، مستفيدة من ابتكاراتها في الطائرات المسيرة والبرمجيات، وإذا استمر ترامب في دعم أوكرانيا، فقد يعزز ذلك مفاوضات السلام، لكنه يحتاج إلى اتساق في شحنات الأسلحة وفرض عقوبات لزيادة الضغط على بوتين.
على العكس، إذا عاد ترامب إلى مواقفه السابقة المتساهلة، فقد يشجع بوتين على المزيد من العدوان، مما يضعف الناتو وموقف أمريكا عالمياً.
الخطوة التالية تعتمد على قدرة ترامب على تحويل إحباطه إلى سياسة متماسكة، مع الاستفادة من نجاحاته في إيران والناتو لتحقيق استقرار في أوروبا.