ماذا حدث؟
في مقابلة مع الإخبارية السورية مساء 18 أكتوبر 2025، كشف وزير الخارجية أسعد الشيباني تفاصيل لقاء سري عقده مع مسؤولين روس في 6 ديسمبر 2024، يومين فقط قبل سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر.
جاء اللقاء بتوجيه من الرئيس أحمد الشرع، بهدف “تحييد” القوات الروسية عن القتال، حيث أكد الوفد السوري أن العملية تستهدف تغيير النظام دون إنهاء التحالفات الاستراتيجية، مع التأكيد على الحفاظ على مصالح الشعب السوري.
وصف الشيباني اللقاء بأنه “استراتيجي طويل الأمد”، وأوضح أن الثوار أكدوا للروس عدم استهداف التحالفات.
كما أعلن تعليق عمل المجلس الأعلى السوري-اللبناني (تأسيس 1991) لصالح قنوات دبلوماسية رسمية، ومراجعة الاتفاقيات السورية-الروسية السابقة، بما فيها قواعد حميميم وطرطوس، حيث قلص الروس تواجدهم إلى هاتين القاعدتين.
أكد الشيباني أن “لا توجد اتفاقيات سارية حالياً”، وأن القواعد “موضع تفاوض وإعادة تقييم”، مشيراً إلى أن الشرع طرح ذلك مع بوتين في 15 أكتوبر 2025 في موسكو، حيث طالب بتسليم الأسد لمحاكمته.
رد لافروف في 9 أكتوبر بأن روسيا لن تبقى إذا رفضت دمشق ذلك.
لماذا هذا مهم؟
تُعد هذه الكشوفات خطوة حاسمة في إعادة صياغة العلاقات السورية-الروسية بعد سقوط الأسد، حيث كانت موسكو حليفاً استراتيجياً منذ 2015، مدعومة بقواعد عسكرية ودعم جوي أنقذ النظام.
أهميتها تكمن في أنها تُظهر براغماتية الشرع في “تحييد” روسيا لتجنب تصعيد، مما سمح بانقلاب سريع دون تدخل روسي، ويُعزز سيادة سوريا الجديدة بمراجعة الاتفاقيات (مثل قواعد حميميم، التي تُستخدم لعمليات في أوكرانيا).
سياسياً، يُضعف “محور المقاومة” الإيراني، حيث كانت سوريا جسراً للأسلحة، ويُفتح أبواب رفع العقوبات (رفع أمريكي جزئي في يوليو 2025) لإعادة إعمار (تكلفة 400 مليار دولار).
إقليمياً، يُعيد رسم الخريطة، مع طلب تسليم الأسد (هارب في موسكو)، مما يُثير توتراً مع روسيا التي أعطته لجوءاً.
اجتماعياً، يُعالج إرث الحرب (مليون قتيل، و6 ملايين لاجئ)، حيث يُركز الشيباني على “الحكمة الاستراتيجية” لتجنب انعكاسات سلبية.
ماذا بعد؟
مع لقاء الشرع-بوتين في أكتوبر 2025، من المتوقع اتفاقاً يحدد دور روسيا المستقبلي، ربما بتقليص القواعد مقابل دعم اقتصادي (قروض روسية بـ5 مليارات دولار)، مما يُعزز استقرار سوريا ويُقلل نفوذ إيران.
داخلياً، ستُركز الحكومة على محاكمات جرائم الحرب، بما في ذلك تسليم الأسد، لتعزيز الشرعية، لكن رفض موسكو قد يُؤجل ذلك.
إقليمياً، قد يُوسع التقارب مع الخليج (قمة الرياض نوفمبر 2025) لتمويل الإعمار، مما يُعزز السلام مع إسرائيل.
إذا نجحت المراجعة، ستُصبح سوريا “دولة طبيعية” كما يقول الشيباني، لكن الفشل يُهدد بتوترات، خاصة مع أوكرانيا.
في النهاية، يعتمد التقدم على المفاوضات، حيث قد تؤدي إلى شراكة متوازنة أو تبقي التوتر قائماً، مما يُحدد مسار سوريا بعد الأسد.