كيف يُصدّر السودان أزماته؟ نماذج تفضح أسلوبه المتكرر

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا يحدث؟

منذ عقود، دأبت الأنظمة المتعاقبة في السودان على تصدير أزماتها الداخلية إلى الخارج، تارة باتهام دول الجوار، وتارة أخرى بالتصعيد ضد القوى الدولية، في محاولة للهروب من المسؤولية الداخلية وامتصاص الغضب الشعبي.

هذا النمط بات سمة متكررة في السياسة السودانية، حيث تُستخدم لغة التخوين و”المؤامرة” لتبرير الفشل السياسي والاقتصادي.

وفي هذا التقرير، نرصد أبرز النماذج التاريخية التي تورطت فيها الخرطوم وحملت أطراف خارجية مسؤولية إخفاقاتها المزمنة.

1. اتهام مصر بالتدخل في الشأن السوداني – عام 1995

بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا، اتُهم السودان رسميًا بإيواء ودعم المنفذين التابعين للجماعة الإسلامية المصرية. وتدهورت العلاقات بشكل كبير حينها، وتعرض السودان لعزلة دولية.

2. التحريض ضد تشاد – أعوام 2006–2009

خلال صراع دارفور، اتهمت حكومة البشير تشاد بدعم الحركات المتمردة، بينما كانت تشاد تتهم الخرطوم بدعم متمردي “اتحاد قوى المقاومة”. تبادل الدعم العسكري واللاجئين كان واضحاً.

3. مزاعم “الحصار الغربي” – منذ 1997

فرضت الولايات المتحدة عقوبات شاملة على السودان بسبب دعمه للإرهاب، بما في ذلك استضافة أسامة بن لادن (1991–1996).

ومنذ ذلك الوقت، بدأت السلطة السودانية باستخدام “شماعة المؤامرة الغربية” لتبرير الانهيار الاقتصادي.

4. الهجوم على جنوب السودان – عام 2012

بعد استقلال الجنوب في 2011، اندلع صراع مسلح في منطقة هجليج النفطية. واتهمت الخرطوم حينها جوبا بالتعدي على أراضيها، رغم أن التوتر كان بسبب فشل اتفاقات تقاسم النفط.

5. رفض المبادرات الدولية – عام 2009

حين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق البشير بسبب جرائم دارفور، شنت الحكومة حملة دولية تتهم المحكمة بأنها “أداة استعمارية”، ورفضت التعاون مع أي مبادرة تحقيق أو مصالحة حقيقية.

لماذا هذا مهم؟

ما يجري اليوم في السودان ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتاريخ طويل من تصدير الأزمات بدأ بشكل ممنهج منذ عهد البشير، حيث اعتادت الأنظمة هناك على الهروب من أزماتها الداخلية عبر افتعال صراعات خارجية واختلاق أعداء إقليميين ودوليين.

هذا الأسلوب لم يقدِّم حلولًا حقيقية، بل عمّق الانقسامات وأفشل فرص الاستقرار.

ماذا بعد؟

مع استمرار الأزمات في السودان وتفاقم الصراع الداخلي، يبقى السؤال، هل ستستمر السلطة الحالية في تكرار نفس التكتيكات القديمة، أم أن هناك فرصة حقيقية لكسر هذا النمط وتحمّل المسؤولية داخليًا؟.

فالجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بات اليوم متهمًا بصناعة مزيد من الأزمات، سواء من خلال الانقلابات أو القمع أو الانخراط في انتهاكات ضد المدنيين، كما وثقتها منظمات حقوقية دولية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *