ماذا حدث؟
في 14 مايو 2025، قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة خليجية استمرت أربعة أيام، شملت السعودية وقطر والإمارات، وهي أول زيارة خارجية رسمية في ولايته الثانية.
لم تتضمن الزيارة إسرائيل، وهي خطوة غير مسبوقة تُبرز تحولًا في الأولويات الأمريكية.
ركزت الزيارة على صفقات تجارية بمليارات الدولارات، بما في ذلك مبيعات أسلحة واستثمارات خليجية في الولايات المتحدة، مع مناقشات حول تحالف أمني أمريكي-سعودي.
أبرز إعلان كان رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، تلاه لقاء دافئ بين ترامب والرئيس السوري الجديد أحمد الشرع.
كما أزال ترامب القيود على بيع رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة للإمارات والسعودية، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون التكنولوجي.
لم يحقق ترامب تقدمًا واضحًا في توسيع اتفاقيات إبراهيم، حيث اشترطت السعودية إنهاء حرب غزة وإقامة دولة فلسطينية، وهو أمر يعارضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
لماذا هذا مهم؟
تُشير زيارة ترامب إلى تحول جيوسياسي وجيواقتصادي كبير في الشرق الأوسط:
أولًا، استبعاد إسرائيل من الزيارة يعكس تراجع أولويتها لدى ترامب، مما يزيد التوتر مع نتنياهو، خاصة مع دعم ترامب للتفاوض مع إيران وفتحه قنوات مع سوريا.
ثانيًا، تؤكد الزيارة مكانة دول الخليج كشركاء رئيسيين للولايات المتحدة، متجاوزين في بعض الجوانب حلفاء الناتو التقليديين، حيث يرى ترامب أن السعودية وقطر والإمارات لاعبين اقتصاديين وسياسيين مركزيين.
ثالثًا، تعكس الزيارة نهج ترامب الجديد في السياسة الخارجية: غير أيديولوجي، يركز على المصالح الاقتصادية، ويتجنب التحالفات طويلة الأمد أو المواجهات الدائمة، مما يفتح الباب لتحسين العلاقات مع إيران وسوريا.
على الصعيد الاقتصادي، يعزز التعاون مع الخليج طموحات الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي، حيث توفر دول الخليج الطاقة والاستثمارات اللازمة لتطوير مراكز معالجة البيانات.
ويمهد رفع العقوبات عن سوريا لإعادة توجيه دمشق نحو الخليج والغرب، مما قد يعزز استقرار لبنان ويغير ديناميكيات المنطقة.
ماذا بعد؟
تعتمد النتائج طويلة الأمد للزيارة على خطوات ترامب اللاحقة:
أولًا، قد يوسع الفجوة مع إسرائيل إذا استمر نتنياهو في رفض شروط السعودية لتوسيع اتفاقيات إبراهيم، مما قد يؤدي إلى صدام علني.
ثانيًا، يحتاج ترامب إلى استغلال الزخم لدفع المحادثات مع إيران نحو اتفاق نووي، مستفيدًا من علاقات الخليج الإيجابية مع طهران وضعف وكلائها الإقليميين.
ثالثًا، يمكن أن يعزز ترامب نجاحاته عبر مواجهة النفوذ الروسي في المنطقة، خاصة بعد فشل موسكو في سوريا.
رابعًا، يقول الخبراء الغربيون إنه يجب على ترامب إدارة المخاطر المرتبطة بقراراته، مثل احتمال تسرب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى الصين عبر الخليج، أو فشل الشرع في بناء سوريا مستقرة.
إذا نجح ترامب في تحقيق اتفاق نووي مع إيران وتوسيع اتفاقيات إبراهيم، فسيكون قد حقق تحولًا تاريخيًا في المنطقة، لكن نجاحه يتطلب قيادة إسرائيلية جديدة وقرارات دقيقة لتجنب التبعات غير المقصودة، مثل زعزعة استقرار حلفاء الخليج أو تصعيد التوترات مع روسيا.