ماذا حدث؟
منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه في 2025، بدأت تتشكل تحولات كبيرة في التحالفات الدولية، كما أوضحت ديلنوزا أوبايدولايفا في مقال نُشر بتاريخ 30 يونيو 2025 في “The Conversation”.
يدفع ترامب نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب، حيث تتوزع النفوذ بين قوى كبرى مثل الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، كلٌ يسيطر على منطقة جغرافية محددة، على عكس النظام أحادي القطب بقيادة أمريكا أو ثنائي القطب في الحرب الباردة.
تراجع ترامب عن التزامه بإنهاء حرب أوكرانيا، تاركًا الحل لأوروبا، وقلّص التمويل للوكالة الأمريكية للتنمية (USAID)، مما فتح المجال للصين لتصبح شريكًا تنمويًا رئيسيًا في إفريقيا.
في الشرق الأوسط، يحافظ ترامب على دعم إسرائيل وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج، لكنه يقلل من التدخل العسكري والسياسي، مفضلاً النفوذ الاقتصادي.
في المقابل، تعزز روسيا والصين نفوذهما في الجنوب العالمي، مستغلتين رواية “التسلط الغربي”، بينما تلجأ دول صغيرة مثل سلوفاكيا وآسيا الوسطى إلى “التحوط الاستراتيجي” بالتوازن بين القوى الكبرى.
لماذا هذا مهم؟
رؤية ترامب لنظام متعدد الأقطاب تهدد النظام الدولي الليبرالي، الذي اعتبره عالم السياسة جون ميرشايمر محكومًا بالفشل بسبب تناقضاته الداخلية.
هذا التحول يعيد تشكيل التحالفات، حيث تسعى أوروبا لتحديد مصالحها الأمنية بشكل مستقل، بينما يعزز تراجع الدور الأمريكي نفوذ الصين وروسيا في إفريقيا والشرق الأوسط.
ضربات أمريكا وإسرائيل على إيران عززت موقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكن قرارات ترامب التجارية وسياسات العقوبات تغذي سردية الصين وروسيا بأن أمريكا لا تلتزم بالقواعد.
الدول الصغيرة، مثل أوكرانيا، تعاني من الوقوع في وسط الصراعات بين القوى الكبرى، بينما تتبنى دول أخرى، كآسيا الوسطى، التحوط الاستراتيجي لتجنب الاصطفاف الكامل مع أي قطب.
هذا الوضع يخلق فرصًا للدول الصغيرة للمناورة، لكنه يزيد من مخاطر عدم الاستقرار إذا لم تُدار التوترات.
ماذا بعد؟
النظام متعدد الأقطاب قد يؤدي إلى تشكيل كتل إقليمية قوية، مثل منظمة شنغهاي للتعاون بقيادة الصين، التي تعززت في أوراسيا.
الدول الصغيرة ستستمر في التحوط، موازنة بين القوى الكبرى لتعظيم مصالحها، لكنها قد تواجه مخاطر إذا تصاعدت الصراعات.
يجب على الولايات المتحدة، تحت قيادة ترامب، توضيح استراتيجيتها في المناطق الحيوية مثل المحيط الهادئ، حيث تثير الصين قلق حلفاء مثل الفلبين.
أوروبا بحاجة إلى تعزيز استقلاليتها الأمنية، بينما ينبغي للجنوب العالمي استغلال المنافسة بين القوى لتأمين استثمارات تنموية، كما أن الدول العربية قد تستفيد من كتل إقليمية جديدة لتعزيز نفوذها.
لتجنب الفوضى، يجب على الأمم المتحدة تعزيز الحوار بين الأقطاب لضمان استقرار النظام العالمي.
إذا استمر ترامب في سياسة “أمريكا أولًا”، قد تتسارع الكتل الإقليمية، لكن “الليبرالية” في النظام ستعتمد على كيفية إدارة كل قوة لمنطقتها.