ماذا حدث؟
أدت الحرب الأهلية في السودان، التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إلى تأثيرات اقتصادية معقدة على جنوب السودان، الدولة التي استقلت في 2011.
تعتمد جنوب السودان، البلد الحبيس، على السودان لنقل نفطها عبر أنابيب إلى ميناء بورتسودان بالبحر الأحمر.
في مايو 2025، استهدفت هجمات بطائرات مسيرة من قوات الدعم السريع محطات كهرباء تدعم ضخ النفط، مما دفع الجيش السوداني لإخطار جنوب السودان بتعليق الصادرات.
بعد مفاوضات مكثفة، أُعلن تجنب التوقف، لكن الحادث أبرز هشاشة اقتصاد جنوب السودان.
تُظهر ميزانية 2024-2025 أن إيرادات النفط الحكومية تعتمد على 16 ألف برميل يوميًا فقط من إنتاج إجمالي 130 ألف برميل، بسبب تدهور آبار النفط في بالوش وولاية الوحدة، وعدم قدرة شركة النيل للبترول (NilePet) على تعويض انسحاب شركة بتروناس الماليزية في أغسطس 2024.
لماذا هذا مهم؟
تُعد الحرب في السودان عاملاً مساهماً في أزمة جنوب السودان الاقتصادية، لكن التحديات الداخلية أكثر تأثيرًا.
اقتصاديًا، تسببت اضطرابات الأنابيب في تقليص تدفقات الدولار، مما زاد التضخم وانهيار قيمة العملة، حيث يعاني 80% من السكان من الفقر المدقع و60% من انعدام الأمن الغذائي.
سياسيًا، يعتمد الرئيس سلفا كير على إيرادات النفط لتمويل شبكة المحسوبية التي تحافظ على استقرار النخب المتنافسة، لكن الفساد يحول دون وصول هذه الإيرادات للميزانية العامة، حيث تُدار عبر NilePet كـ”صندوق أسود”.
اجتماعيًا، أدت الأزمة إلى تفاقم البطالة وعدم دفع رواتب موظفي القطاع العام لأكثر من عام، مما يهدد بتصاعد العنف المسلح.
أمنيًا، تؤثر إيرادات حماية حقول النفط، التي تُصرف خارج الميزانية لجهاز الأمن الوطني، على استقرار البلاد، وأي خسارة لها قد تؤدي إلى اضطرابات.
بيئيًا، فاقمت الحرب توقف التجارة عبر الحدود، مما زاد من نقص الغذاء والوقود.
ماذا بعد؟
على المدى القصير، ستواجه جنوب السودان ضغوطًا لإصلاح NilePet وتحسين الشفافية لاستعادة الثقة الدولية وجذب قروض جديدة، خاصة من الإمارات أو الصين، رغم تعثر المفاوضات مع قطر بسبب التخلف عن السداد.
ستحتاج جوبا أيضًا إلى تنويع اقتصادها عبر الزراعة أو تعدين الذهب لتقليل الاعتماد على النفط.
أمنيًا، قد تدفع الأزمة جنوب السودان للتفاوض مع قوات الدعم السريع لتأمين الأنابيب، مما يعقد علاقاتها مع الجيش السوداني.
على المدى الطويل، يتطلب الاستقرار معالجة الفساد وتنفيذ اتفاق السلام 2018، لكن تأخير الانتخابات المقررة في ديسمبر 2025 ينذر بتوترات سياسية.
دوليًا، ستدفع الاضطرابات الإقليمية، بما في ذلك تدفق 349 ألف لاجئ سوداني إلى جنوب السودان، لزيادة الضغط على المجتمع الدولي لإنهاء الحرب في السودان.