ماذا حدث؟
تسعى “كتائب حزب الله”، الجماعة المسلحة المدعومة من إيران، إلى تعزيز نفوذها السياسي في العراق قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر 2025، من خلال استغلال الخلافات بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومحافظ البصرة أسعد العيداني.
استهدفت الكتائب العيداني بحملة سياسية وقانونية بدأت في فبراير 2024، عبر تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بقيادة النائب سعود الساعدي، زعيم كتلة “حقوق” التابعة للكتائب، للتحقيق في انتهاكات مزعومة للحكومة المحلية في البصرة.
أوصت اللجنة في مايو 2025 بإقالة العيداني وإحالته للمحاكم، مستغلة الأمر النيابي رقم (87) كأداة سياسية.
تصاعد التوتر مع حملة هدم منازل غير قانونية في البصرة، التي أثارت غضبًا شعبيًا.
دعم السوداني إيقاف الهدم، بينما رفض العيداني توجيهاته، مؤكدًا استقلالية المحافظات، مما عزز الانقسام، فاستخدمت الكتائب منصاتها الإعلامية، مثل “صابرين نيوز” و”قناة الاتجاه”، لانتقاد العيداني ودعم السوداني، بينما تبنت “كتائب سيد الشهداء” نهجًا مماثلاً، مقدمة نفسها كمدافعة عن سلطة الدولة.
لماذا هذا مهم؟
تُعد هذه التحركات جزءًا من استراتيجية “كتائب حزب الله” لتوسيع نفوذها في البصرة، المحافظة الاستراتيجية بثروتها النفطية وموانئها، وإضعاف منافسيها داخل “الإطار التنسيقي” المدعوم من إيران.
يعكس الصراع بين السوداني والعيداني، اللذين دعمهما الحرس الثوري الإيراني لعقود، تنافسًا انتخابيًا داخليًا، حيث تسعى الكتائب لتقويض السياسيين شبه المستقلين مثل العيداني، الذي فاز على الإطار في انتخابات 2023.
نجحت الكتائب سابقًا في زيادة مقاعدها البرلمانية من واحد إلى ستة في 2021 بعد استقالة الصدر، وترى في إضعاف العيداني فرصة لكسب مقاعد إضافية في البصرة، ثاني أكبر مركز شيعي.
تستخدم الكتائب “الحرب القانونية” عبر أعضابها في البرلمان، مثل الساعدي والمندلاوي، الذي تربطه علاقات بقائد الكتائب أبو فدك، لتعزيز سيطرتها، ويشير عدم تدخل إيران مباشرة إلى السماح لهذا التنافس لتحقيق مصالحها الأوسع.
هذه الاستراتيجية قد تؤجج التوترات الاجتماعية والسياسية، خاصة في ظل الغضب الشعبي من قضايا مثل هدم المنازل، مما يهدد استقرار العراق.
ماذا بعد؟
على المدى القصير، ستكثف “كتائب حزب الله” حملتها ضد العيداني، مستغلة منصة “حقوق” والإجراءات القانونية لتشويه سمعته وإضعاف تحالفاته الانتخابية.
قد تؤدي استمرار حملات الهدم في البصرة إلى احتجاجات شعبية، مما يمنح الكتائب فرصة لتصوير السوداني كمدافع عن الفقراء، بينما يُصور العيداني كمتجاهل لمعاناتهم.
على المدى الطويل، تسعى الكتائب لتعزيز هيمنتها ضمن “الإطار التنسيقي” في انتخابات 2025، مستهدفة أيضًا سياسيين مثل محافظ واسط محمد المياحي.
إذا نجحت في إضعاف العيداني، قد تحصل على مقاعد إضافية في البصرة، مما يعزز نفوذها في الحشد الشعبي والبرلمان، لكن هذه الاستراتيجية تحمل مخاطر، إذ قد تؤدي إلى انقسامات داخل الإطار، مما يتيح لخصوم مثل مصطفى الكاظمي استغلال الوضع.
كما أن تصاعد التوترات الاجتماعية قد يشعل اضطرابات، خاصة إذا شعر السكان بالتهميش، وقد يصبح تدخل إيران حاسمًا إذا هدد الصراع مصالحها، بينما يبقى دور الولايات المتحدة محدودًا رغم تصنيفها الكتائب كجماعة إرهابية.