ماذا حدث؟
الصراع الدائر بين إيران وإسرائيل الآن يُوصف في الإعلام الغربي بـ”حرب العتبة”، وهو أول مثال عالمي لنزاع يهدف إلى منع دولة على أعتاب النووي إيران من امتلاك سلاح نووي.
ألغت إيران محادثات نووية مع الولايات المتحدة، وأعلنت في 16 يونيو 2025 عن مشروع قانون للانسحاب من معاهدة الحد من الانتشار النووي (NPT)، مما يعكس انهيار أطر الردع التقليدية.
لماذا هذا مهم؟
أعادت الحرب تعريف قواعد التصعيد النووي بإدخال ديناميكية “حرب العتبة”، حيث تسعى قوة نووية (إسرائيل) لمنع عدوها (إيران) من التسلح بنفس القوة، مما يخلق دوامة تصعيد غير مستقرة.
على عكس الردع المتبادل بين قوتين نوويتين مثل الهند وباكستان، فإن إيران ترى أنها لا تستطيع ردع إسرائيل بدون سلاح نووي، بينما كل خطوة نحو التسلح تُثير ضربات إسرائيلية أقوى.
إسرائيل، بدورها، لا تستطيع القضاء على المعرفة النووية الإيرانية، مما يجعل الضربات الوقائية مجرد تأخير مؤقت يُعزز عزم إيران على التسلح.
هذا يخلق “فخ التزام”، حيث لا يمكن لأي طرف التراجع: إسرائيل تخشى إيران نووية تهدد هيمنتها، وإيران تواجه خطر تغيير النظام إذا استسلمت.
كيف أعادت الحرب كتابة القواعد؟
1- تطبيع الضربات الوقائية: بررت إسرائيل هجماتها بأن إيران قادرة على تجميع 15 قنبلة نووية، لكنها استخدمت ضربات وقائية تستهدف تهديدات مستقبلية بدلاً من استباقية تستهدف تهديدات وشيكة. هذا يُشبه تطورًا في الأعراف الدولية منذ الحرب الأمريكية على الإرهاب، مما يُضعف سيادة الدول ويُشرع هجمات على البنية النووية، كما حذر رافائيل غروسي.
2- انهيار الردع التقليدي: نظرية الردع تفترض جهات عقلانية ذات أسلحة نووية متبادلة، لكن في “حرب العتبة”، لا تملك إيران أسلحة نووية لردع إسرائيل، بينما لا تستطيع إسرائيل ردع تقدم إيران النووي بالوسائل العسكرية وحدها. هذا يُولد ديناميكية “استخدمه أو افقده”، حيث تُسرع إيران برنامجها، وتضيق نافذة إسرائيل للضربات.
3- إضعاف الحوكمة النووية: انسحاب إيران المحتمل من معاهدة الحد من الانتشار يُهدد أطر الحوكمة النووية، مما قد يُشجع دولًا على السعي لأسلحة نووية. كما أن تطبيع هجمات على منشآت نووية قد يُلهم دولًا مثل الهند أو الصين لاتخاذ إجراءات مماثلة.
4- تصعيد إقليمي: غياب وكلاء إيران القويين (حزب الله، وحماس) بعد ضربات إسرائيلية سابقة يجعل إيران أكثر عرضة، مما يدفعها للاعتماد على السلاح النووي كرادع. هجمات الحوثيين على تل أبيب تُظهر كيف يمكن أن يتسع الصراع.
ماذا بعد؟
الحرب تُعيد تشكيل قواعد التصعيد النووي بتداعيات عالمية، فإيران قد تُسرع برنامجها النووي سرًا، مستلهمة نموذج كوريا الشمالية، خاصة إذا انسحبت من معاهدة الحد من الانتشار، وإسرائيل قد تُوسع ضرباتها لتشمل قطاع النفط الإيراني، مما يُهدد الاقتصاد العالمي.
غياب وساطة فعالة، مع ردود فعل دولية ضعيفة قد يُفاقم المخاطر، ورغم محاولات ترامب الدبلوماسية، فإنه قد يدفع على التدخل إذا استُهدفت مصالح الولايات المتحدة.