في ظل حكم الشرع.. هل انتهى خطر تنظيم داعش في سوريا؟

تنظيم داعش في سوريا

ماذا حدث؟

منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، شهدت الساحة السورية تحولات عميقة قلبت موازين القوة، أبرزها الانحدار الحاد في نشاط تنظيم داعش.

بعد أن نفّذ التنظيم ما معدله 59 هجومًا شهريًا في 2024، انخفض هذا الرقم بنسبة 80% ليصل إلى 12 هجومًا فقط شهريًا بعد رحيل الأسد.

الأكثر دلالة أن حصيلة القتلى تراجعت بنسبة مذهلة بلغت 97%، من 63 قتيلاً في الشهر إلى اثنين فقط.

يرجع هذا التراجع إلى غياب المظلة غير المباشرة التي وفّرها نظام الأسد في البادية السورية، حيث كان التنظيم يجد ملاذًا آمنًا ومساحة لإعادة التشكّل.

بالتوازي، شنّت الولايات المتحدة 75 ضربة جوية مركّزة على معسكرات داعش بعد هروب الأسد إلى موسكو، ودفعت باتجاه اتفاق إطار تاريخي بين الإدارة الذاتية الكردية في الشمال الشرقي والحكومة الانتقالية الجديدة في دمشق.

لماذا هذا مهم؟

تكمن أهمية هذا التحول في كونه يُعد أول اختراق حقيقي منذ سنوات طويلة في مسار مكافحة داعش، إذ لطالما مثّلت البادية السورية قلبًا نابضًا للتنظيم، ومن دونها خسر أحد أبرز مراكزه الاستراتيجية.

كما أن تغير الموقف الأمريكي ـ الذي كان داعمًا تقليديًا لقوات سوريا الديمقراطية ـ عزز من فرص توحيد القرار العسكري والسياسي في مواجهة التنظيم.

الاتفاق الذي تم في مارس بين رئيس سوريا الانتقالي أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، برعاية أمريكية، مثّل نقطة تحول محورية، وبدأت بموجبه القوات الكردية بالانسحاب من مناطق مثل حلب وسد تشرين، واستئناف تصدير النفط إلى دمشق. كذلك بدأت لجان مشتركة في وضع خريطة لإعادة دمج مناطق الإدارة الذاتية ضمن الدولة السورية.

الولايات المتحدة لم تكتف بالضغط السياسي، بل عملت على دمج فصائلها الحليفة مثل الجيش السوري الحر في وزارة الدفاع السورية الجديدة، وبدأت بإنشاء آلية تنسيق أمني يومي مع دمشق تشمل الطلعات الجوية وتبادل المعلومات الاستخبارية، وهو ما أدى إلى إحباط تسع محاولات تفجير في العاصمة السورية، واغتيال كبار قادة التنظيم.

ماذا بعد؟

رغم هذا التراجع الكبير في نشاط داعش، فإن التنظيم لم يندثر، ففي أبريل فقط، نفذ ما لا يقل عن 14 هجومًا، وهو ما ينذر بموجة صعود جديدة إن لم يتم احتواء المرحلة الانتقالية سياسيًا واقتصاديًا.

الخطر الأكبر يتمثل في استمرار أزمة المعتقلين في الشمال الشرقي، حيث يوجد نحو 9,500 مقاتل و40,000 من النساء والأطفال المرتبطين بالتنظيم في معسكرات مكتظة وهشة أمنيًا، مثل مخيمي الهول وروج.

وفي ظل احتمال انسحاب أمريكي محتمل مع تجميد مساعدات إدارة ترامب، تلوح الفرصة لتشكيل تحالف أمني إقليمي يضم العراق وسوريا وتركيا ولبنان والأردن، لضمان الاستقرار ومتابعة ملف المعتقلين.

كما أن الحكومة السورية الجديدة تمتلك فرصة نادرة لتقديم نفسها كبديل شرعي ومنفتح، عبر تسريع وتيرة إعادة المواطنين من المخيمات، والتعامل مع الدول الأجنبية بشفافية تامة في ملف الرعايا المحتجزين.

بالمحصلة، لا تزال معركة القضاء على داعش في سوريا مفتوحة على احتمالات عديدة، وإن كان سقوط الأسد قد وجه ضربة قاصمة للتنظيم، فإن استكمال بناء الدولة السورية على أسس شاملة هو الرهان الحقيقي على مستقبل بلا تطرف.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *