ماذا حدث؟
في 8 مايو 1945، استسلمت ألمانيا النازية لقوات الحلفاء، معلنةً نهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا، في حدث عُرف بـ”يوم النصر” (VE Day).
كان الجنرال دوايت أيزنهاور، القائد الأعلى لقوات الحلفاء، يرى في هذا الانتصار ليس مجرد هزيمة للفاشية، بل دعوة لاستمرار التعاون عبر الأطلسي لضمان السلام والازدهار.
في كلمته الشهيرة، دعا إلى تجنب “الخلافات غير المجدية”، مؤكدًا أن روح الرفقة التي جمعت الحلفاء يجب أن تُكرم تضحيات الجنود الذين سقطوا.
في 9 مايو 2025، احتفلت أوروبا وروسيا بالذكرى الثمانين لهذا الحدث، وسط حضور 29 زعيمًا عالميًا في موسكو، بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومشاركة وحدات عسكرية من 13 دولة في الساحة الحمراء، مما يعكس الأهمية الرمزية والسياسية المستمرة ليوم النصر.
لماذا هذا مهم؟
يُعد يوم النصر رمزًا لانتصار الحرية على الاستبداد، ودرسًا في قوة التعاون الدولي.
خلال الثمانين عامًا الماضية، ساهم التحالف عبر الأطلسي، بقيادة الولايات المتحدة وأوروبا، في تحقيق فترة غير مسبوقة من السلام والازدهار بين القوى العظمى، حيث ارتفع الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة 4% سنويًا في المتوسط منذ 1945، وخرج مليارات الأشخاص من الفقر.
لكن هذه الذكرى تأتي وسط نقاشات حادة حول إرث هذا التعاون، فيرى فريق، بقيادة شخصيات مثل ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس جورج دبليو بوش ونائب الرئيس التنفيذي للمجلس الأطلسي أن تعزيز القيم الديمقراطية يصب في مصلحة الغرب، بينما يدعو آخرون، متأثرون بسياسات “أمريكا أولًا” لدونالد ترامب، إلى نهج أكثر انعزالية يركز على المصالح الاقتصادية الضيقة.
في سياق الحرب الأوكرانية، التي تستحضر أصداء المقاومة ضد العدوان، تبرز أهمية هذا الدرس: التوازن بين القيم والمصالح ليس خيارًا زائفًا، بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات الحديثة، مثل صعود الصين وتوسع روسيا.
ماذا بعد؟
مع تغير العالم منذ الحرب الباردة، تواجه أوروبا تحديات جديدة تتطلب إعادة تقييم أدوارها الأمنية والاقتصادية.
يشير هادلي إلى ضرورة تحويل الاضطرابات الحالية إلى فرص للتقدم، من خلال إصلاح المؤسسات الدولية وتعزيز التعاون مع الشركاء.
أوروبا، التي أدركت حاجتها لتحمل المزيد من المسؤولية الأمنية، بدأت بزيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 20% منذ 2014، لكنها تحتاج إلى تنسيق أوثق مع الولايات المتحدة لمواجهة تهديدات مثل الحرب الهجينة والتدخلات السيبرانية.
في سوريا، حيث أحيت الجالية الروسية يوم النصر بعروض رمزية، يبرز الدور الروسي كتحدٍ إضافي يتطلب دبلوماسية حذرة.
ويُوصى فريدريك كيمب، الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي، بأن تعزز أوروبا وحدتها عبر مبادرات مثل “البوصلة الاستراتيجية” للاتحاد الأوروبي، وأن تستمر في دعم أوكرانيا عسكريًا وإنسانيًا، مع السعي لتجديد الحوار مع روسيا لتجنب التصعيد
كما دعا أيزنهاور، فإن “روح الرفقة” تبقى السبيل لضمان ألا تذهب تضحيات الماضي سدى، وأن تتعلم أوروبا من تاريخها لبناء مستقبل أكثر أمانًا.