فوز مرشح مؤيد لترامب بالانتخابات البولندية.. لماذا الأمر سيء للاتحاد الأوروبي؟

فوز مرشح مؤيد لترامب بالانتخابات البولندية.. لماذا الأمر سيء للاتحاد الأوروبي؟

ماذا حدث؟

في انتخابات الرئاسة البولندية في يونيو 2025، انتصر المؤرخ القومي كارول ناوروكي، المدعوم من حزب القانون والعدالة (PiS) ومن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على رئيس بلدية وارسو الليبرالي المؤيد للاتحاد الأوروبي رافاو ترزاسكوفسكي بنسبة 50.89% مقابل 49.11%.

على الرغم من محدودية الصلاحيات التنفيذية للرئيس البولندي، فإن قدرته على استخدام حق النقض (الفيتو) ضد التشريعات تجعل هذا الفوز عقبة كبيرة أمام الإصلاحات الديمقراطية التي يسعى إليها رئيس الوزراء دونالد توسك وحكومته الائتلافية.

هذا الانتصار يعزز التيارات المناهضة للاتحاد الأوروبي والليبرالية، ويشكل تهديدًا لتطلعات أوكرانيا وسياسات حقوق المرأة، مما يضع الاتحاد الأوروبي أمام تحديات جديدة.

أظهرت الانتخابات البولندية انقسامًا حادًا في المجتمع، حيث بلغت نسبة المشاركة 73%، وهي الأعلى في تاريخ الانتخابات الرئاسية

 ناوروكي، وهو مؤرخ محافظ يبلغ من العمر 42 عامًا وعديم الخبرة السياسية السابقة، قدم نفسه كمدافع عن القيم الكاثوليكية التقليدية وسيادة بولندا.

حظي بدعم قوي من حزب القانون والعدالة، الذي حكم بولندا من 2015 إلى 2023، ومن شخصيات يمينية عالمية مثل ترامب، الذي استقبله في البيت الأبيض، ووزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم، التي دعت البولنديين لانتخابه.

في المقابل، مثل ترزاسكوفسكي، رئيس بلدية وارسو البالغ من العمر 53 عامًا، رؤية ليبرالية مؤيدة للاتحاد الأوروبي، داعمًا لتشريعات تخفف القيود على الإجهاض وتدعم حقوق المثليين.

أظهرت استطلاعات الخروج انقسامًا اجتماعيًا: النساء وذوو التعليم العالي صوتوا لترزاسكوفسكي، بينما الرجال وذوو التعليم الأقل دعموا ناوروكي.

يعكس هذا الفوز، وفقًا لتقارير مثل تلك المنشورة في “الغارديان”، دفعة للحركات القومية الشعبوية في أوروبا، خاصة بعد خسارة المرشحين القوميين في رومانيا قبل أسبوعين.

لماذا هذا مهم؟

يشكل فوز ناوروكي ضربة قوية للاتحاد الأوروبي، الذي يعتمد على بولندا كقوة صاعدة اقتصاديًا وعسكريًا، فقد أصبحت بولندا، بفضل اقتصادها المزدهر منذ انضمامها للاتحاد في 2004 وإنفاقها العسكري البالغ 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مركز ثقل في أوروبا الشرقية.

لكن ناوروكي، بمواقفه المناهضة للتكامل الأوروبي، يهدد هذا الدور. فهو يعارض سياسات الاتحاد مثل “الصفقة الخضراء” واتفاقية الهجرة، ويرفض أي إصلاحات تعزز سلطة بروكسل، مما قد يعرقل مشاريع التكامل الأوروبي مثل مبادرة الأمن SAFE بقيمة 150 مليار يورو.

بحسب “يورونيوز”، فإن رئاسته قد لا تؤدي إلى انقطاع دبلوماسي فوري، لكنها ستضر بالتكامل الأوروبي على المدى الطويل.

داخليًا، سيستخدم ناوروكي حق الفيتو لعرقلة إصلاحات توسك، مثل استعادة استقلال القضاء، الذي تضرر خلال حكم PiS بتعيينات سياسية في المحاكم العليا.

هذا الجمود قد يمهد لعودة PiS إلى السلطة في انتخابات 2027، مما يعزز التغييرات غير الديمقراطية التي أثارت نزاعات مع بروكسل سابقًا.

علاوة على ذلك، يعزز فوز ناوروكي قوى اليمين المتطرف في أوروبا، حيث هنأه قادة مثل فيكتور أوربان ومارين لوبان، مما يشير إلى تحالف محتمل يعمق الانقسامات داخل الاتحاد.

ماذا بعد؟

يواجه الاتحاد الأوروبي الآن تحديًا في التعامل مع بولندا كقوة مركزية ذات رئيس مناهض للتكامل.

لتخفيف الضرر، يحتاج قادة الاتحاد إلى إشراك ناوروكي في حوار بناء، مع التركيز على المصالح المشتركة مثل الأمن ضد روسيا، حيث يظل ناوروكي معاديًا لموسكو بسبب التاريخ البولندي.

توسك، من جانبه، سيحتاج إلى تعزيز ائتلافه الذي أضعفه هذا الخسارة، ربما عبر إعادة التفاوض على اتفاق الائتلاف كما أشار في تصريحاته.

دوليًا، قد يسعى الاتحاد لتعزيز التعاون مع دول أخرى في أوروبا الشرقية، مثل رومانيا، لموازنة تأثير بولندا القومي.

ومع ذلك، فإن دعم ترامب لناوروكي، كما أشارت “واشنطن بوست”، يمنحه نفوذًا في واشنطن، مما قد يعقد العلاقات عبر الأطلسي إذا تبنى نهجًا أكثر انعزالية.

في النهاية، يعكس هذا الفوز تحديًا أوسع للاتحاد الأوروبي: كيفية الحفاظ على الوحدة وسط صعود القومية الشعبوية في قلب أوروبا.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *