ماذا حدث؟
من قائد عسكري شاب في الظل إلى الحاكم المطلق لإيران، هكذا شق علي خامنئي طريقه إلى قمة هرم السلطة في الجمهورية الإسلامية، ليُصبح منذ أكثر من أربعة عقود مركز القرار الأول، وصاحب الكلمة الفصل في كل ما يتعلق بمصير البلاد داخليًا وخارجيًا.
إرث الخميني.. كيف بدأ صعود خامنئي؟
في عام 1989، وبعد وفاة مؤسس النظام الإيراني آية الله الخميني، كانت الأنظار تتجه نحو أسماء كبرى من الحوزات الدينية في قم ومشهد، لكن المفاجأة تمثلت في ترشيح مجلس الخبراء لرجل أقل شهرة آنذاك، علي خامنئي، الذي كان يشغل منصب رئيس الجمهورية.
ورغم افتقاره إلى “الاجتهاد الديني” الكامل حينها، وهي أحد شروط تولي منصب “المرشد الأعلى”، تم تعديل الدستور سريعًا لتسهيل تعيينه، مما أثار جدلًا طويلًا في أروقة المؤسسة الدينية.
من رجل دين إلى زعيم أمني
بمجرد توليه المنصب، بدأ خامنئي في تعزيز سلطته، ليس من خلال الخطابة أو الزعامة الدينية التقليدية، بل عبر بناء شبكة معقدة من النفوذ داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية.
وعمل على تمكين الحرس الثوري، ومنحه أدوارًا تفوق بكثير ما ينص عليه الدستور، ليُصبح لاحقًا الذراع الأقوى له في الداخل والخارج، في السياسة كما في الاقتصاد.
“دولة داخل الدولة”.. منظومة الولاء
لم يكتف خامنئي بالسيطرة على الحرس الثوري، بل أنشأ ما يشبه “دولة موازية” داخل الجمهورية، ترتكز على الولاء الكامل له.
مكاتب الولي الفقيه، التي زرعت في كل مؤسسة ووزارة ومحافظة، باتت تشرف على القرارات الكبرى، وتراقب حتى أداء المسؤولين المنتخبين.
كما منح كبار القادة المقربين منه امتيازات واسعة، ومنهم قاسم سليماني، الذي تحول إلى رمز لتوسع النفوذ الإيراني في الإقليم، قبل مقتله في ضربة أميركية عام 2020.
قمع المعارضة.. لا صوت يعلو فوق صوت المرشد
خلال العقد الأول من حكمه، واجه خامنئي معارضة داخلية واسعة، خاصة من التيار الإصلاحي ورجال الدين المعارضين لهيمنته.
لكن الرد كان حاسمًا؛ موجات متكررة من الاعتقالات، والإقصاء السياسي، وسحب الشرعية من كل من يشكك في سلطته المطلقة.
وفي احتجاجات 2009، بعد انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، وقف المرشد إلى جانب أحمدي نجاد ضد الحركة الخضراء، معلنًا أن “صوت الشارع لا يُغير الشرعية”.
حارس العقيدة والبرنامج النووي
خارجيًا، كرّس خامنئي عقيدة “الاستقلال عن الغرب”، رافضًا الانفتاح الكامل، ومؤكدًا أن المشروع النووي حق سيادي.
وبينما فاوضت الحكومات، كان هو من يحدد حدود التنازل ويُصحح المسار عند اقتراب الخطوط الحمراء من الانهيار.
ماذا بعد؟
رغم بلوغه 86 عامًا وتوالي الأزمات من عقوبات واحتجاجات وانقسامات، ظل نفوذ خامنئي راسخًا، بل تعزز حتى أصبح الزعيم الأبرز وصانع القرار المطلق في إيران الحديثة.