صراع الدروز.. لماذا هاجم وليد جنبلاط حكمت الهجري؟

صراع الدروز.. لماذا هاجم وليد جنبلاط حكمت الهجري؟

ماذا حدث؟

في الآونة الأخيرة، شهدت محافظة السويداء جنوبي سوريا توترات متصاعدة، أثارتها دعوات الشيخ حكمت الهجري، أحد مشايخ الطائفة الدرزية، لفرض “الحكم المحلي” في المحافظة ذات الغالبية الدرزية.

هذه الدعوات أدت إلى اندلاع اشتباكات مسلحة في 13 يوليو 2025 بين مجموعات درزية وعشائر بدوية، مما دفع الحكومة السورية إلى إرسال قوات الأمن لاحتواء الوضع، وسط تقارير عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، في مقابلة مع قناة “العربية” يوم 27 يوليو 2025، هاجم الهجري بشدة، متهمًا إياه بمحاولة “الاستفراد بالقرار” في السويداء وتأجيج الفوضى من خلال دعواته للحكم المحلي.

جنبلاط أشار إلى أن هذه الدعوات تسببت في تفاقم الأوضاع الأمنية، ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة لمحاسبة المسؤولين عن الاشتباكات، سواء من الدروز أو البدو، محذرًا من أن هذه الأحداث قد تهدد وحدة سوريا.

كما أدان جنبلاط أي محاولات لاستقواء بالتدخل الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن إسرائيل تستغل مثل هذه الأزمات لتعزيز نفوذها في المنطقة، ورفض دعوات الهجري السابقة للحماية الدولية، مؤكدًا أن الدروز جزء لا يتجزأ من النسيج السوري العربي.

لماذا هذا مهم؟

هجوم جنبلاط على الهجري يكشف عن انقسام عميق داخل الطائفة الدرزية حول كيفية التعامل مع السلطة السورية الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.

بينما يدعو جنبلاط إلى حل سياسي شامل يحفظ وحدة سوريا ويعزز الحوار مع الحكومة السورية بقيادة أحمد الشرع، يتبنى الهجري موقفًا متشددًا يعارض سلطة دمشق، بل وصل إلى حد طلب تدخل دولي وإسرائيلي، وهو ما اعتبره جنبلاط استغلالاً من إسرائيل لزعزعة استقرار المنطقة.

هذا الصراع يعكس توترات أوسع في السويداء، حيث تواجه الطائفة الدرزية تحديات معقدة في ظل حكومة جديدة تسيطر عليها قوى سنية، مثل هيئة تحرير الشام، التي لها تاريخ من التوترات مع الأقليات.

دعوات الهجري للحكم المحلي، التي يراها البعض محاولة لفرض هيمنته الشخصية، أثارت مخاوف من تقسيم المحافظة أو عزلها عن بقية سوريا، مما قد يؤدي إلى صراعات طائفية أو إقليمية أوسع.

تصريحات جنبلاط، التي تدعم وحدة سوريا وترفض التدخل الأجنبي، تهدف إلى الحفاظ على التماسك الاجتماعي والسياسي للدروز كجزء من النسيج الوطني، بينما يثير موقف الهجري مخاوف من تأجيج الفتنة وتعميق الانقسامات، خاصة مع تقارير عن تهجير البدو وانتهاكات بحق المدنيين.

هذا الخلاف يبرز التحديات التي تواجه الأقليات في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، حيث تسعى لتحديد هويتها ودورها في ظل نظام سياسي جديد.

ماذا بعد؟

استمرار التوترات في السويداء قد يؤدي إلى تصعيد عسكري وسياسي أكبر إذا لم يتم احتواؤها عبر حوار شامل.

دعوة جنبلاط لتشكيل لجنة تحقيق قضائية وإجراء حوار سياسي قد تمثل فرصة لتهدئة الأوضاع، لكن نجاحها يعتمد على استجابة الهجري وجماعاته المسلحة، التي رفضت حتى الآن اتفاقات وقف إطلاق النار.

تصريحات الهجري المتشددة، بما في ذلك مناشدته لتدخل إسرائيلي وأمريكي، قد تعزز من عزلته داخل الطائفة الدرزية، خاصة مع تأييد مشايخ آخرين، مثل يوسف جربوع، لتدخل الحكومة السورية.

الحكومة السورية، بدورها، تواجه ضغوطًا لفرض الأمن دون إثارة صراعات طائفية، وهو تحدٍ معقد في ظل الغارات الإسرائيلية المتكررة التي تستغل ذريعة “حماية الدروز” لتبرير انتهاكاتها.

على المدى الطويل، قد يؤدي استمرار انقسام القيادات الدرزية إلى إضعاف نفوذ الطائفة في المشهد السياسي السوري، مما يجعلها عرضة للتلاعب الخارجي، خاصة من إسرائيل التي تسعى لتوسيع نفوذها في جنوب سوريا.

إذا لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية، فقد تتحول السويداء إلى بؤرة صراع إقليمي، تهدد استقرار سوريا ولبنان المجاور.

الحل السياسي الذي يدعو إليه جنبلاط، والذي يدعمه وزراء سوريون مثل وزير الإعلام حمزة المصطفى، يظل الخيار الأمثل، لكنه يتطلب تنازلات من جميع الأطراف، بما في ذلك الهجري، لضمان استعادة الاستقرار ومنع تمدد الصراع إلى مناطق أخرى.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *