ماذا حدث؟
في أواخر نوفمبر 2025، أبلغت روسيا والصين الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو سراً بعدم رغبتهما في التصعيد مع إدارة دونالد ترامب، رغم الشراكة الاستراتيجية الطويلة الأمد.
وفقاً لتقرير نشرته “وول ستريت جورنال”، نقلت موسكو وبكين رسالة واضحة إلى كاراكاس مفادها أنهما لن تقدما دعماً عسكرياً أو مالياً كبيراً إذا اندلعت مواجهة مع واشنطن، خاصة مع التحشيد العسكري الأمريكي في الكاريبي وتصنيف “كارتل الشموس” كمنظمة إرهابية.
روسيا، التي قلّصت وجودها العسكري في فنزويلا منذ 2022 لتركيزها على أوكرانيا، وافقت في مايو 2025 على معاهدة شراكة استراتيجية لكنها أكدت أنها ليست تحالفاً دفاعياً.
أما الصين، فتفضّل تجنّب الاحتكاك في “حديقة واشنطن الخلفية” وسط التوترات التجارية، رغم استثماراتها البالغة مليارات في النفط الفنزويلي.
لماذا هذا مهم؟
يُعد هذا الانسحاب الاستراتيجي ضربة قاصمة لمادورو، الذي اعتمد على روسيا والصين لمدة عقود للدعم المالي والعسكري، حيث بلغت القروض الصينية 60 مليار دولار والروسية 17 ملياراً منذ 2007.
الآن، مع انهيار الاقتصاد الفنزويلي (إنتاج نفط أقل من مليون برميل يومياً وتضخم 229%)، أصبحت فنزويلا عبئاً غير مربح لداعميها، الذين يُواجهان عقوبات أمريكية ثانوية قد تُعيق تجارتهما العالمية.
هذا التراجع يُعزز سياسة ترامب “الضغط الأقصى”، ويُضعف تحالف “المحور” ضد واشنطن، حيث تُصبح فنزويلا عرضة لعزلة أكبر، ويُفتح الباب أمام تدخل أمريكي أوسع في أمريكا اللاتينية.
ماذا بعد؟
مع رفض روسيا والصين الدعم، من المتوقع أن تُعلن واشنطن في ديسمبر 2025 عقوبات ثانوية جديدة على الشركات الصينية والروسية التي تتعامل مع PDVSA، مما يُجبر مادورو على مفاوضات غير مباشرة عبر عُمان أو قطر لتنحية جزئية.
قد يُؤدي ذلك إلى انهيار اقتصادي أعمق في 2026، مع ارتفاع التضخم إلى 600% ونزوح جماعي جديد. روسيا ستُحافظ على وجود محدود (بضع مئات من المتعاقدين) لكن دون التزام دفاعي، بينما الصين ستُقلّص استثماراتها النفطية.
في النهاية، يُمثل هذا الانسحاب نهاية عصر “المحور”، وفرصة لترامب لإعادة رسم التوازن في المنطقة، لكن بمخاطر إقليمية إذا لم تُدار بحكمة.