دمشق غاضبة من قسد.. ما مصير التفاوض بينهما؟

دمشق غاضبة من قسد.. ما مصير التفاوض بينهما؟

ماذا حدث؟

أثار مؤتمر “وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا”، الذي نظمته قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الحسكة يوم 8 أغسطس 2025، غضب الحكومة السورية الانتقالية بقيادة أحمد الشرع.

المؤتمر، الذي شارك فيه 400 شخصية سياسية ودينية وعشائرية، بما في ذلك الشيخ حكمت الهجري (من الدروز) وغزال غزال (من العلويين)، طالب بدستور ديمقراطي تعددي يعزز التنوع ويدعم نظاماً لامركزياً، رافضاً الإعلان الدستوري الحالي.

رأت دمشق أن المؤتمر ينتهك اتفاق 10 مارس 2025، الموقع بين الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي، والذي ينص على دمج مؤسسات قسد المدنية والعسكرية في الدولة السورية مع ضمان حقوق الأكراد والمكونات الأخرى.

ردت الحكومة بإعلان انسحابها من مفاوضات مقررة في باريس، معتبرة المؤتمر محاولة لفرض رؤية فئوية بقوة السلاح ودعم خارجي، خاصة من تيارات كردية متطرفة مرتبطة بقنديل.

واتهمت دمشق قسد بالسعي لإحياء نهج النظام البائد والتغيير الديمغرافي ضد العرب.

لماذا هذا مهم؟

يُعد الخلاف بين دمشق وقسد عقبة كبيرة أمام توحيد سوريا في مرحلة انتقالية حساسة بعد سقوط نظام الأسد.

اتفاق 10 مارس كان خطوة تاريخية لدمج شمال شرق سوريا، الخاضع لسيطرة قسد، في إطار الدولة الوطنية، لكنه واجه عراقيل بسبب تباينات حول شكل الدولة.

دمشق تصر على دستور مركزي يُقر عبر استفتاء شعبي، بينما تسعى قسد إلى نظام لامركزي يضمن حقوق الأكراد والمكونات الأخرى.

مؤتمر الحسكة، الذي ضم شخصيات من السويداء وطرطوس، أثار مخاوف دمشق من تحالفات فئوية تهدف إلى تقسيم سوريا، خاصة مع مشاركة شخصيات مثل غزال غزال، المتهم بالارتباط بالنظام السابق.

انسحاب دمشق من مفاوضات باريس يعكس تصلب المواقف، وقد يؤدي إلى تجميد الحوار، مما يهدد استقرار المنطقة ويعزز التوترات العرقية والطائفية.

كما أن الدعم الخارجي المزعوم لقسد، خاصة من تركيا وفقاً لمصادر، يعقد المشهد، حيث ترى دمشق أن نقل المفاوضات إلى عاصمتها هو السبيل الوحيد لضمان شرعية الحوار.

ماذا بعد؟

مستقبل التفاوض بين دمشق وقسد يعتمد على استعداد الطرفين للتنازل، لكن دمشق اشترطت نقل المفاوضات إلى أراضيها والتزام قسد باتفاق 10 مارس، بما يشمل نزع سلاحها ودمج مؤسساتها.

من جانبها، أكدت قسد استعدادها للحوار، لكن مصادر فرنسية وعسكرية أشارت إلى عدم تلقيها إخطاراً رسمياً بإلغاء لقاء باريس، مما يوحي بإمكانية استئناف الحوار إذا تدخل الوسطاء الدوليون، مثل فرنسا.

المحلل رضوان الأطرش يرى أن استئناف التفاوض ممكن إذا تراجعت قسد عن مطالبها اللامركزية، بينما يعتقد المحلل نواف خليل أن دمشق تستخدم المؤتمر كذريعة، خاصة مع رفض تركي مسبق للقاء باريس.

على المدى الطويل، قد يؤدي استمرار الخلاف إلى تصعيد عسكري في الشمال الشرقي، خاصة إذا شعرت دمشق بتهديد سيادتها، أو إذا استمرت قسد في تعزيز إدارتها الذاتية بدعم خارجي.

الاجتماع التحضيري في بروكسل، الذي يهدف إلى توحيد القوى السورية، قد يوفر منصة بديلة للحوار، لكنه لن يحل التوتر بين دمشق وقسد ما لم تُعالج قضايا الدستور وشكل الدولة بشكل شامل.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *