كتب- محمد النجار:
في يوم بارد من أيام يناير، وبينما كانت الثلوج تغطي العاصمة واشنطن، أدى دونالد ترامب اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثانية تحت قبة الكابيتول التي ترتفع 180 قدمًا.
في خطاب تنصيبه، وعد ترامب بتغييرات جذرية تبتعد عن سياسات سلفه، مع التركيز على شعار “أمريكا أولاً”.. ولكن، ماذا يعني هذا الخطاب للعالم؟ وما هي التوقعات للسنوات القادمة؟
“أمريكا أولاً”.. مرة أخرى
بدأ ترامب خطابه بتأكيد رؤيته لـ”عصر ذهبي جديد لأمريكا”، منتقدًا إدارة بايدن ووعد بإعادة التوازن إلى مؤسسات العدالة.
ركز الخطاب بشكل كبير على القضايا الداخلية، مع إشارات محدودة إلى السياسة الخارجية، فباستثناء ذكر المكسيك وبنما والصين، كان الخطاب موجهاً بالأساس للجمهور الأمريكي، مع تركيز على قضايا مثل الهجرة والأمن الحدودي والطاقة.
الهجرة والأمن الحدودي
أعلن ترامب حالة طوارئ وطنية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، مع تعهد بإرسال قوات إضافية وتمويل لتعزيز الأمن، كما وصف الكارتلات المكسيكية بأنها “منظمات إرهابية أجنبية”، ووعد بإنهاء سياسة “الاعتقال والإطلاق” للمهاجرين.
هذه الإجراءات، وإن كانت تلقى تأييدًا من قطاع كبير من الشعب الأمريكي، إلا أنها ستواجه تحديات قانونية ومالية، خاصة مع الحاجة إلى مليارات الدولارات لتنفيذها.
بنما وقناة بنما
أثار ترامب قضية قناة بنما، واصفًا نقل السيطرة عليها من الولايات المتحدة إلى بنما عام 1999 بأنه “هدية حمقاء”، ووعد ترامب باستعادة السيطرة الأمريكية على القناة، منتقدًا الوجود الصيني المتزايد في المنطقة.
رد الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو، بتأكيد سيادة بنما على القناة.
ومع ذلك، يقترح الخبراء أن زيادة الاستثمارات الأمريكية في القناة قد تكون حلاً عمليًا لتعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة.
ما لم يُذكر في الخطاب
من اللافت أن ترامب لم يذكر الصين بشكل كبير في خطابه، كما تجاهل تمامًا قضية أوكرانيا وحلف الناتو.
ومع ذلك، أشار إلى انتقاده لـ”التمويل غير المحدود للدفاع عن الحدود الأجنبية”، مما قد يشير إلى تقليص الالتزامات الأمريكية تجاه أوروبا وأوكرانيا.
هذا التوجه قد يضع أوروبا في موقف صعب، خاصة مع توقعات بأن تقود الاتحاد الأوروبي أي مفاوضات لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.
الطاقة والاقتصاد
وعد ترامب بإنهاء حالة الطوارئ في مجال الطاقة من خلال زيادة عمليات الحفر للنفط والغاز، مع شعار “الحفر يا عزيزي الحفر”.
كما تعهد بمكافحة التضخم وخفض الأسعار، مع التركيز على جعل أمريكا “أمة غنية مرة أخرى”.
ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه الوعود سيتطلب موازنة دقيقة بين السياسات الاقتصادية وردود فعل الأسواق العالمية.
قضايا اجتماعية مثيرة للجدل
أثار ترامب الجدل بتصريحه أن “هناك جنسان فقط: الذكر والأنثى”، مع وعد بتوقيع أوامر تنفيذية تلغي الحماية الفيدرالية للمتحولين جنسيًا وتنهي برامج التنوع والمساواة والشمول.
هذه الإجراءات قد تزيد من الانقسامات الاجتماعية في الولايات المتحدة، خاصة مع معارضة قطاعات واسعة من المجتمع لهذه السياسات.
الفضاء والمستقبل
في خطوة مفاجئة، أعلن ترامب عن نيته “زرع النجوم والمشارب على كوكب المريخ”، في إشارة إلى طموحات استعمار الفضاء.
هذه التصريحات، وإن كانت تلقى ترحيبًا من شخصيات مثل إيلون ماسك، إلا أنها تتعارض مع معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، التي تحظر المطالبات الإقليمية في الفضاء.
توقعات للمستقبل
خطاب ترامب الثاني كان مليئًا بالوعود الجريئة، لكن تنفيذها سيكون تحديًا كبيرًا.
من إصلاح نظام الهجرة إلى تعزيز الأمن الحدودي وزيادة النفوذ الأمريكي في بنما، ستواجه هذه السياسات عقبات قانونية ومالية وسياسية.
كما أن تجاهل قضايا مثل أوكرانيا والصين قد يثير تساؤلات حول أولويات السياسة الخارجية الأمريكية في السنوات القادمة.