ماذا حدث؟
في خطوة تحمل دلالات استراتيجية بالغة، قرر وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث تمديد مهمة حاملة الطائرات “يو إس إس هاري إس. ترومان” في الشرق الأوسط لشهر إضافي، مع إصدار أوامر بانضمام حاملة الطائرات “يو إس إس كارل فنسون” إلى المنطقة.
القرار جاء بالتزامن مع استئناف الولايات المتحدة ضرباتها الجوية ضد جماعة الحوثي، والتي أعادت إدارة ترامب تصنيفها كـ”منظمة إرهابية أجنبية” منتصف مارس الجاري.
الهدف المُعلن من هذه العمليات هو ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، بعد أن تسببت التهديدات الحوثية في تعقيد عبور السفن المرتبطة بإسرائيل أو القوات الأمريكية.
وعلى الرغم من توقف الحوثيين عن استهداف السفن التجارية منذ يناير، إلا أنهم واصلوا استهداف الطائرات الأمريكية، كما حدث في 19 فبراير حين أطلقوا صواريخ أرض-جو على مقاتلة F-16 وطائرة استطلاع MQ-9، وفي 5 مارس، أعلن البنتاغون فقدان طائرة MQ-9 أخرى، أكد الحوثيون إسقاطها قرب مدينة الحديدة الساحلية.
لماذا هذا مهم؟
تضاعف الحضور البحري الأمريكي في الشرق الأوسط مرتين خلال الأشهر الستة الماضية، وهو تحول لافت في السياسة الدفاعية الأمريكية التي شهدت خلال السنوات الأخيرة تقليصًا تدريجيًا للوجود العسكري في المنطقة.
هذا التصعيد يعكس عودة واضحة لعقيدة “أمريكا أولًا” التي ينتهجها الرئيس ترامب، ويمثل رسالة ردع قوية موجهة إلى طهران، مفادها أن أي هجوم حوثي سيُعدّ بمثابة طلقة إيرانية.
تشير تقارير إلى أن واشنطن تقوم في الوقت ذاته بحشد استراتيجي واسع في جزيرة دييغو غارسيا، يشمل قاذفات B-2 الشبحية وطائرات النقل والتزود بالوقود، وهو ما يعزز احتمالات تنفيذ عمليات جوية واسعة النطاق ضد الحوثيين أو تحسبًا لتصعيد أكبر مع إيران.
هذا التوجه يؤكد أن الحملة الأمريكية ليست فقط لحماية السفن، بل أيضًا لتقويض القدرات العسكرية الحوثية وفتح ممرات ملاحية آمنة في المنطقة.
ماذا بعد؟
بينما تستمر العمليات الأمريكية بوتيرة “لا هوادة فيها”، بحسب مسؤولين في البنتاغون، فإن التمديد المؤقت لحاملة “ترومان” قد لا يكون الأخير، فاستمرار تهديدات الحوثيين للسفن الأمريكية واستعدادهم لتجديد الهجمات على السفن الإسرائيلية يعني أن الحاجة لحاملتي طائرات قد تمتد لأشهر قادمة.
إلا أن هذه الاستراتيجية تحمل في طياتها تحديات داخلية، فتمديد مهام الحاملات يؤخر جداول الصيانة والتدريب، ما قد يؤثر على الجاهزية القتالية في ساحات أخرى، أبرزها مواجهة الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما أن الضغط المتواصل على أطقم القوات البحرية قد ينعكس سلبًا على المعنويات والاستعداد النفسي للجنود.
أمام إدارة ترامب، ووزير دفاعه هيغسيث، تحدٍّ دقيق في الموازنة بين الحفاظ على الهيبة الأمريكية في الشرق الأوسط، وبين متطلبات المواجهة الكبرى المقبلة مع بكين.. فهل تستطيع واشنطن خوض معركتين على جبهتين متباعدتين دون أن تدفع الثمن؟