ماذا حدث؟
في 22 يوليو 2025، أثار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي موجة غضب عارمة بعد توقيعه على قانون مثير للجدل يحد من استقلالية هيئات مكافحة الفساد، وهي المكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU) والنيابة العامة المتخصصة بمكافحة الفساد (SAPO).
القانون، الذي أقرته البرلمان بسرعة، يمنح المدعي العام، وهو معين من قبل زيلينسكي، سلطات واسعة للتحكم في التحقيقات، مما أثار احتجاجات واسعة في كييف ومدن أخرى مثل لفيف ودنيبرو وأوديسا.
هذه الاحتجاجات، التي شارك فيها الآلاف، بما في ذلك قدامى المحاربين، هي الأولى من نوعها ضد الحكومة منذ الغزو الروسي في 2022.
زيلينسكي دافع عن القانون، مدعيًا أنه ضروري للقضاء على “النفوذ الروسي” في الهيئات، بينما يرى النقاد أن الهدف الحقيقي هو حماية حلفاء زيلينسكي، مثل نائب رئيس الوزراء السابق أوليكسي تشيرنيشوف، من التحقيقات في تهم الفساد.
لماذا هذا مهم؟
تمثل هذه الاحتجاجات أكبر تحدٍ سياسي داخلي يواجهه زيلينسكي منذ توليه الرئاسة في 2019، فالفساد قضية حساسة في أوكرانيا، حيث أدت الاحتجاجات ضد الفساد في عهد الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش إلى ثورة “الكرامة” في 2013-2014، التي أطاحت به.
القانون الجديد يكسر الاتفاق غير المعلن بين الحكومة والمجتمع الأوكراني بعدم إثارة الاضطرابات السياسية خلال الحرب، مما يهدد الوحدة الوطنية التي ساعدت أوكرانيا على الصمود أمام روسيا.
على الصعيد الدولي، أثار القانون قلق حلفاء أوكرانيا، لا سيما الاتحاد الأوروبي، الذي يشترط مكافحة الفساد لتقديم الدعم المالي والعسكري وللتقدم في طلب انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ومسؤولون ألمان وفرنسيون طالبوا زيلينسكي بتوضيحات، محذرين من أن هذه الخطوة قد تعرقل طموحات أوكرانيا الأوروبية.
ماذا بعد؟
استجاب زيلينسكي سريعًا للاحتجاجات، معلنًا عن تقديم مشروع قانون جديد لاستعادة استقلالية الهيئات، لكن هذا التراجع قد لا يكفي لتهدئة الغضب، خاصة مع توقف البرلمان عن العمل خلال العطلة الصيفية.
على الرغم من أن شعبية زيلينسكي لا تزال مرتفعة (65% في يونيو 2025)، فإن استمرار التوترات قد يؤدي إلى تآكل دعمه الشعبي، خاصة إذا استمرت اتهامات الفساد ضد حلفائه.
روسيا استغلت الوضع بنشر دعاية مضللة تصور المتظاهرين كمؤيدين لها، مما يزيد من التعقيدات.
زيلينسكي بحاجة إلى تحرك سريع لاستعادة الثقة المحلية والدولية، خاصة مع استمرار الحرب وتزايد الضغوط الاقتصادية والعسكرية، وإذا لم يعالج قضية الفساد بشكل حاسم، فقد يواجه المزيد من الاحتجاجات، مما يهدد استقراره السياسي وجهود أوكرانيا في الحرب.