ماذا حدث؟
أوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض الرسوم الجمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك لمدة 30 يومًا، لكنه قرر المضي قدمًا في تطبيق رسوم بنسبة 10% على الواردات الصينية، كما لا تزال الرسوم على الاتحاد الأوروبي على جدول أعماله.
ترامب أطلق على “الرسوم الجمركية” أنها “أجمل كلمة في القاموس”، وهو ما يعكس تمسكه القوي بسياسة الحماية التجارية التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي على حساب الشركاء التجاريين.
ما يفعله ترامب اليوم يبدو مشابهًا لقرار تاريخي اتخذته الولايات المتحدة قبل 95 عامًا، عندما فرضت الحكومة الأمريكية رسوماً جمركية عالية على الواردات بموجب قانون “سموت-هوالي” في عام 1930.
هذا القانون كان يهدف إلى حماية القطاع الزراعي الأمريكي المتأزم في تلك الفترة، لكنه أدى إلى عواقب اقتصادية كارثية، حيث انخفضت التجارة الأمريكية بشكل حاد، مما ساهم في تفاقم الكساد الكبير وأدى إلى تدهور العلاقات التجارية العالمية.
لماذا هذا مهم؟
فكرة فرض الرسوم الجمركية التي يتبناها ترامب ليست جديدة؛ بل هي استراتيجية قديمة بدأت مع الأزمة الاقتصادية في ثلاثينيات القرن الماضي.
ما يميز سياسة ترامب أنها تتبع نهجًا أحاديًا يرفض العولمة ويعزز “أمريكا أولاً”، مما يهدد بإحداث حرب تجارية قد تتوسع لتشمل دولًا أخرى مثل الصين وكندا والمكسيك، وقد تمتد إلى أوروبا أيضًا.
وتظهر الأرقام أن رسوم ترامب يمكن أن ترفع تكاليف الأسر الأمريكية بمقدار 1200 دولار سنويًا، لكن الجمهوريين في الكونغرس يعتقدون أن هذه السياسة ضرورية لتحسين مكانة الولايات المتحدة على الساحة العالمية، مع التركيز على تعزيز القوة الاقتصادية الأمريكية، رغم أن هناك من يعارضها داخل الحزب نفسه مثل السيناتور ميتش ماكونيل الذي وصفها “فكرة سيئة”.
وفقًا لاستطلاع للرأي، هناك انقسامات حزبية واضحة حول هذه الرسوم؛ حيث يعارض الديمقراطيون بشكل كبير فرض الرسوم على الصين وكندا والمكسيك، بينما يرى العديد من الجمهوريين أن هذه الرسوم ضرورية لتحسين الوضع التجاري للولايات المتحدة.
ماذا بعد؟
من المتوقع أن يكون تصعيد حرب الرسوم الجمركية خطوة أولى نحو صراع تجاري شامل قد يمتد إلى دول أخرى، وهو ما سيجعل من الصعب على ترامب الحفاظ على تحالفاته داخل الحزب الجمهوري الذي يواجه تحديات سياسية واقتصادية مع زيادة تكاليف المعيشة على المواطنين.
بالنسبة للأمريكيين، سيستمر هذا المسار في اختبار صبرهم عندما تبدأ الأسعار في الارتفاع، فهل سيتحملون التكلفة الاقتصادية لسياسات ترامب؟
تبقى الإجابة في أيدي الناخبين، الذين قد يغيرون مواقفهم في الانتخابات القادمة بناءً على تأثير هذه السياسة على حياتهم اليومية.
وفي سياق أوسع، فإن هذه الاستراتيجية يمكن أن تساهم في انعزال الولايات المتحدة عن الساحة العالمية، وقد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة، مثل تفشي الحمائية في أسواق أخرى وتوترات مع حلفائها التقليديين، وقد يصبح هذا الصراع جزءًا من مرحلة جديدة في العلاقات الدولية التي تعكس صعود سياسات الحماية الاقتصادية التي تضع مصالح الدول الكبرى فوق أي اعتبارات أخرى.