ماذا حدث؟
في مقابلة تلفزيونية أجراها مع “فوكس نيوز” كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة صادمة لإعادة إعمار غزة، مؤكدًا أن الفلسطينيين “لن يكون لهم حق العودة” إلى القطاع.
وقال ترامب بوضوح: “أنا أتحدث عن بناء مكان دائم لهم في دول مجاورة، لأن العودة الآن ستستغرق سنوات.. غزة ليست صالحة للسكن.”
لكن الأكثر إثارة للجدل كان أسلوبه في الحديث عن غزة وكأنها مشروع عقاري ضخم، حيث صرّح: “سنقوم ببناء مجتمعات آمنة بعيدًا قليلًا عن أماكن الخطر.. في الوقت نفسه، سأمتلك هذا المكان. فكروا به كمشروع عقاري مستقبلي، سيكون قطعة أرض جميلة، ولن تُنفق مبالغ طائلة.”
تصريحاته تسببت في فوضى داخل البيت الأبيض، حيث بدا أن خطابه يتجاوز بكثير الموقف الذي عبرت عنه المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، قبل أيام فقط، والتي قالت إن أي إعادة توطين للفلسطينيين ستكون “مؤقتة”، وأن دافعي الضرائب الأمريكيين لن يتحملوا تكلفة إعادة الإعمار. لكن حديث ترامب لم يكن عن إعادة توطين مؤقت، بل عن تغيير دائم للواقع الديموغرافي في غزة.
وفي مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أطلق ترامب تصريحًا أكثر خطورة عندما قال إنه يريد “السيطرة على غزة لفترة طويلة”، في إشارة إلى أن خطته تتجاوز فكرة إعادة الإعمار، وقد تعني فرض إدارة أمريكية-إسرائيلية مشتركة على القطاع.
لماذا هذا مهم؟
ردود الفعل كانت عنيفة وسريعة. مصر، الأردن، الإمارات وقطر رفضت أي محاولة لترحيل الفلسطينيين أو توطينهم في دول أخرى، معتبرة ذلك “تهجيرًا قسريًا مرفوضًا”. كما رفضت السلطة الفلسطينية وحماس الفكرة، ووصفتها بأنها “إعلان تصفية نهائية للقضية الفلسطينية”.
لكن الضربة الكبرى جاءت من داخل الحزب الجمهوري نفسه، حيث أعرب بعض أعضائه عن تشككهم في خطة ترامب. فبينما يدعمه الجمهوريون عادة في سياساته تجاه إسرائيل، إلا أن فكرة “امتلاك غزة” أثارت قلقًا واسعًا حول مدى جدية تصريحاته وإمكانية تنفيذها دون إشعال أزمة جديدة في الشرق الأوسط.
وفي تصعيد إضافي، قال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي يوم الإثنين إنه “قد يفكر في حجب المساعدات” عن الدول التي ترفض استقبال الفلسطينيين الذين سيتم تهجيرهم من غزة. هذا التهديد المباشر للدول العربية يزيد من تعقيد المشهد، ويضع علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين على المحك.
ماذا بعد؟
كشف ترامب عن رؤيته الأكثر وضوحًا لغزة، قائلًا: “إنها موقع للهدم. سيتم تسويتها بالكامل، وسيُعاد بناؤها من جديد، ولن يكون هناك أحد.. فقط حماس.”
لكن الغموض لا يزال يحيط بتفاصيل الخطة:
- هل يقصد ترامب أن الولايات المتحدة ستتولى إدارة غزة بشكل مباشر؟
- هل سيفرض اتفاقًا دوليًا لإعادة توطين الفلسطينيين خارجها؟
- هل سيواجه معارضة داخلية من حزبه قبل حتى أن يواجه رفضًا دوليًا؟
في الأيام القادمة، سيلتقي ترامب بالعاهل الأردني عبد الله الثاني في البيت الأبيض، حيث ستكون غزة في صلب المحادثات. الجميع يترقب، فهل يمضي ترامب في فرض واقع جديد، أم أن خطته مجرد مناورة سياسية جريئة لفرض شروط تفاوضية أقوى؟
الأمر الوحيد المؤكد الآن: هذه ليست مجرد تصريحات عابرة.. بل بداية لزلزال سياسي قد يهز المنطقة بالكامل!