ماذا حدث؟
في موقف مشترك جديد، أعلنت مصر والسودان رفضهما القاطع لـ”الإجراءات الأحادية” التي تتبعها إثيوبيا في إدارة سد النهضة على مجرى النيل الشرقي، مؤكدين أن استمرار أديس أبابا في الملء والتشغيل المنفرد يمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي ويهدد بشكل مباشر أمن دولتي المصب.
جاء ذلك في ختام الجولة الثانية لاجتماعات آلية 2+2 التشاورية لوزراء الخارجية والري بالبلدين، والتي استضافتها القاهرة مساء الأربعاء، وسط أجواء وُصفت بـ”الإيجابية والودية”، عكست إصرار الطرفين على توحيد الصف وتوسيع آفاق التعاون القائم بينهما.
الأمن المائي.. قضية وجودية
وأكد البيان المشترك أن الأمن المائي لمصر والسودان “وحدة واحدة لا تتجزأ”، وأن أي مساس بحقوقهما التاريخية في مياه النيل سيُقابل بموقف حاسم، مشددًا على رفض كل الخطوات المنفردة التي تُقدم عليها أديس أبابا في حوض النيل الشرقي دون اتفاق قانوني مُلزم.
واتفق الجانبان على ضرورة الحفاظ على كامل الحقوق المائية للبلدين وفقًا للنظام القانوني الحاكم لنهر النيل، وعلى أساس مبدأ المساواة والمصالح المشتركة التي رسختها اتفاقية عام 1959، مع الالتزام بالتنسيق الكامل وتطابق المواقف في المحافل الإقليمية والدولية ذات الصلة.
سد مخالف للقانون الدولي
كما شدد البيان على أن السد الإثيوبي، الذي وصفه بـ”المخالف للقانون الدولي”، ترتب عليه مخاطر جسيمة وتهديد مستمر لاستقرار المنطقة، محذرًا من العواقب الخطيرة لسياسات الملء والتشغيل الأحادي التي تنتهجها إثيوبيا.
ولفت الوزيران إلى أهمية استمرار التشاور والتنسيق الثنائي، والعمل مع دول مبادرة حوض النيل من أجل استعادة روح التوافق التي بُنيت عليها المبادرة في بدايتها، بما يضمن تحقيق مصالح جميع دول الحوض دون استثناء.
لماذا هذا مهم؟
ويأتي البيان المصري–السوداني في وقت تستعد فيه إثيوبيا لإقامة حفل رسمي هذا الشهر احتفالًا بافتتاح سد النهضة، بعد إعلان رئيس الوزراء آبي أحمد في يوليو الماضي أن المشروع سيكتمل بنهاية الصيف الحالي.
وكان وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم قد وصف النهج الإثيوبي بأنه “تهديد مباشر لمصالح مصر والسودان المائية”، مشيرًا إلى أنه يتجاهل مبادئ “الاستخدام العادل والمنصف” للموارد المشتركة، ويعمّق الأزمة بدلًا من حلها.
ماذا بعد؟
يبقى السؤال الأهم: إلى أين يتجه ملف سد النهضة بعد التصعيد المصري–السوداني الأخير؟ فبينما تمضي إثيوبيا نحو افتتاح السد رسميًا هذا الشهر، تتمسك القاهرة والخرطوم بمطالب التنسيق والتوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم يضمن حقوق دول المصب.
ومع غياب بوادر لحل توافقي حتى الآن، يبدو أن الأزمة مرشحة لمزيد من التوتر السياسي والدبلوماسي، ما لم تُظهر أديس أبابا مرونة تعيد الحوار إلى مساره الصحيح.