بين المحاكم والمنفى.. كيف تغيرت حياة زوجات زعماء الربيع العربي؟

أسماء الأسد

تغيرت حياة زوجات زعماء الدول العربية بعد اندلاع أحداث الربيع العربي بشكل جذري، حيث شهدت بعضهن نزاعات قضائية وحياة في المنافي، فيما عاشت أخريات محاكمات عن فساد أو اتهامات سياسية.

وهذه التغيرات، التي لا تقتصر على سوريا فقط، ضربت عدة دول عربية في الشرق الأوسط، وأثرت بشكل عميق على حياة هؤلاء النساء اللواتي كنّ في السابق في قلب السلطة.

أسماء الأسد.. من السيدة الأولى إلى العزلة

أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، تمثل واحدة من أبرز الحالات في هذا السياق. وبعدما كانت السيدة الأولى في سوريا، واستحوذت على اهتمام وسائل الإعلام الغربية في فترة حكم زوجها، وجدت نفسها فجأة في وضع مختلف تماماً. وفي مايو/ آيار الماضي، أُعلن عن إصابتها بسرطان الدم، وهو مرض يهدد حياتها بشكل كبير. وأفادت تقارير إعلامية أن أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، تعاني من مرض سرطان الدم بشكل حاد، حيث منحها الأطباء فرصة للبقاء على قيد الحياة بنسبة 50/50، حسبما ذكرت صحيفة “تليغراف”.وأشارت التقارير إلى أن أسماء تتلقى عناية طبية خاصة ويتم عزلها للحد من خطر العدوى، ولا يمكنها التواجد في نفس الغرفة مع أشخاص آخرين.كما أوردت وكالة الأنباء البريطانية “بي إيه ميديا” أن أسماء الأسد تتلقى الرعاية من والدها، فواز الأخرس، وهو طبيب قلب معروف في هارلي ستريت بلندن.وتأتي هذه التطورات بعد أن فرت عائلة الأسد إلى موسكو إثر الهجوم المفاجئ للمتمردين على العاصمة السورية دمشق في وقت سابق من الشهر الجاري. وانتقلت أسماء إلى روسيا مع أطفالها قبل مغادرة زوجها الرئيس السوري.وكانت الرئاسة السورية كانت قد أعلنت في مايو الماضي عن تشخيص أسماء الأسد بإصابتها بنوع حاد من سرطان الدم، وهو نوع يؤثر على النخاع العظمي والدم. وكانت قد عالجت في وقت سابق من سرطان الثدي، وأعلنت في 2019 عن شفاءها بعد عام من العلاج. تحولت حياتها من السيدة الأولى في الدولة إلى شخصية معزولة، تتلقى العلاج بعيدًا عن الأضواء، ما جعلها تشهد تحولاً هائلًا في حياتها.

سوزان مبارك.. المحاكمة بعد سنوات من السلطة

أما سوزان مبارك، زوجة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، فقد عاشت تحولات مشابهة في فترة ما بعد الثورة. بعد أن كانت تُعتبر السيدة الأولى في مصر، والمقربة من دائرة القرار السياسي والاقتصادي، واجهت سوزان مبارك وأفراد عائلتها مصيرًا مختلفًا بعد سقوط نظام زوجها في عام 2011. خضعت سوزان لمحاكمة طويلة بتهم فساد واختلاس أموال عامة، كانت تُعتبر خلال فترة حكم زوجها جزءًا من النظام الذي استفاد من السلطة والنفوذ.وتم استجوابها من قبل جهاز الكسب غير المشروع، الذي يختص بالتحقيق في قضايا الفساد المالي، حيث تم اتخاذ قرار بحبسها في مايو/ آيار 2011 بتهمة تضخم ثروتها وجنيها بطرق غير مشروعة. وقد تم نقلها إلى سجن القناطر، لكن تم الإفراج عنها لاحقًا بعد تنازلها عن ممتلكاتها. ومع ذلك، فقد كانت سنوات ما بعد الثورة قاسية بالنسبة لها، حيث عاشت في حالة من التشهير الإعلامي وابتعدت عن الأضواء. وكانت إحدى أبرز زوجات الزعماء الذين شهدوا صعودًا وانحدارًا سريعًا في الساحة السياسية بعد الربيع العربي.

ليلى بن علي.. المنفى بعد الثورة

في تونس، لم تكن ليلى بن علي، زوجة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، أفضل حالًا. بعد الثورة التونسية في عام 2011، فرّ بن علي وعائلته إلى المملكة العربية السعودية، حيث عاشوا في المنفى. ليلى بن علي، التي كانت تشتهر بجمالها وثرائها، كانت إحدى أقوى النساء في تونس خلال حكم زوجها، حيث كانت تُتهم بالتورط في الفساد واستغلال السلطة. وفي السعودية، لم تجد ليلى بن علي العيش الذي كانت تعيشه سابقًا، وظلت في عزلة مع أسرتها بعيدًا عن الحياة العامة.وقبل أيام، أصدرت محكمة تونسية حكماً جديداً بالسجن لمدة 20 عاماً على ليلى الطرابلسي، أرملة الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، وصهره السابق رجل الأعمال محمد صخر الماطري، في قضية فساد مالي.وتتعلق القضية بصفقة عمومية تم منحها للماطري والطرابلسي دون الالتزام بالإجراءات القانونية المعتمدة، بحسب ما أفاد راديو “موزاييك إف إم”. كما سلطت المحكمة الضوء على مخالفات مالية ضخمة ضد المتهمين، بلغت قيمتها مليارات الدينارات.ومنذ سقوط نظام بن علي في 2011، تقيم ليلى الطرابلسي في السعودية، بينما يقيم الماطري، طليق ابنة بن علي الكبرى، في سيشل. ويلاحق العديد من أفراد عائلة الرئيس الراحل وأصهاره بتهم فساد منذ الإطاحة بالنظام.

جمال مبارك.. بداية النهاية لزوجات الزعماء

سيرة حياة بعض زوجات الزعماء تتداخل مع قصة أبنائهم الذين كانوا في طليعة المشهد السياسي في مرحلة ما قبل الربيع العربي. جمال مبارك، نجل الرئيس المصري الأسبق، كان يُنظر إليه على أنه الخليفة المحتمل لوالده، وبالتالي فإن مصير زوجات هؤلاء الزعماء كان أيضًا مرتبطًا بمصير أبنائهم. ورغم أن جمال مبارك لم يكن زعيمًا بنفسه، إلا أن مكانته السياسية كانت تضمن له تأثيرًا واسعًا على المسائل السياسية والاقتصادية، وهو ما جعله مع زوجته، خديجة الجمال، في صلب الأنظار طوال فترة حكم والده.

زينب القذافي.. من السيدة الأولى إلى السجن

وفي ليبيا، كانت زينب القذافي، زوجة الزعيم الليبي معمر القذافي، تُعتبر رمزًا للسلطة والثروة في النظام الليبي. ومع سقوط النظام في 2011، اختفى القذافي وأسرته عن الأنظار، حيث تم القبض على بعض أفراد عائلته، بمن فيهم ابنه سيف الإسلام، بينما فر آخرون إلى الخارج. زينب القذافي، التي كانت جزءًا أساسيًا من النظام الحاكم، تعرضت للتحقيقات وواجهت اتهامات بالتورط في الفساد والاستغلال السياسي. ومع مقتل معمر القذافي، عاشت الأسرة في حالة من التشرد والبحث عن الأمان في المنافي.وبالرغم من تفاوت قصص زوجات الزعماء العرب بعد الربيع العربي، لكن المأساة واحدة، بين المنفى والمحاكم، فقدن مكانتهن السابقة التي كانت مرتبطة بالسلطة والنفوذ. ومع سقوط الأنظمة التي حكمت لفترات طويلة، تغيرت حياتهن بشكل جذري، فبينما تعيش بعضهن في عزلة بعد المرض أو التحقيقات القضائية، تجد أخريات أنفسهن يواجهن اتهامات ثقيلة بالفساد أو التورط في عمليات سياسية مشبوهة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *