ماذا حدث؟
تصاعدت حدة التوترات بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثيين في اليمن، بعدما أعلن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث عزم واشنطن مواصلة الغارات الجوية على مواقع الحوثيين حتى توقف الجماعة هجماتها على حركة الملاحة الدولية.
وأشار إلى أن إيران هي الممول الرئيسي للحوثيين، وهو ما دفع الإدارة الأمريكية لتوجيه رسالة تحذيرية لطهران بضرورة وقف دعمها للجماعة.
تصريحات هيغسيث جاءت بعد يوم دامٍ شهد مقتل ما لا يقل عن 53 شخصاً إثر ضربات أمريكية اعتُبرت الأعنف في المنطقة منذ بداية ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي خطاب متلفز، تعهد زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، بتصعيد الهجمات ضد السفن الأمريكية في البحر الأحمر إذا استمرت العمليات العسكرية ضد جماعته، واصفًا تلك الضربات بـ”جرائم الحرب”.
في المقابل، كشف مسؤول أمريكي عن اعتراض الجيش الأمريكي لـ11 طائرة مسيرة تابعة للحوثيين، بعضها كان يستهدف حاملة الطائرات الأمريكية “هاري إس ترومان” دون أن تصل إليها.
من جهتها، حذرت طهران عبر قائد الحرس الثوري حسين سلامي من أنها سترد بقوة في حال تعرضت لهجوم مباشر.
لماذا هذا مهم؟
الضربات الأمريكية وما تبعها من تهديدات متبادلة أثارت قلقًا إقليميًا ودوليًا من احتمالية تفجر الوضع في البحر الأحمر، وهو أحد أهم الممرات البحرية في العالم.
المضيق الذي يقع بين اليمن وجيبوتي وإريتريا، يشكل شريانًا استراتيجيًا لحركة التجارة العالمية، حيث تمر عبره نحو 15% من البضائع العالمية المتجهة من آسيا إلى أوروبا عبر قناة السويس.
هجمات الحوثيين الأخيرة عطلت جزءًا كبيرًا من حركة الملاحة، وأجبرت العديد من الشركات على تغيير مساراتها نحو طريق رأس الرجاء الصالح جنوب إفريقيا، ما تسبب في تأخيرات ضخمة وزيادة كبيرة في تكاليف الشحن، كما أثر بشدة على إيرادات قناة السويس المصرية التي سجلت انخفاضاً بأكثر من 60% مقارنة بالعام السابق.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا بدوره إلى ضبط النفس ووقف الأنشطة العسكرية، محذرًا من أن التصعيد قد يغرق اليمن والمنطقة في دوامة جديدة من العنف، ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية المتدهورة أصلاً.
ماذا بعد؟
حتى الآن، لا مؤشرات على تهدئة سريعة، فالإدارة الأمريكية تصر على استمرار العمليات حتى ضمان أمن الممرات البحرية، بينما الحوثيون يهددون بمزيد من التصعيد في البحر الأحمر، خصوصاً إذا لم تُرفع القيود عن دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وهو المطلب الذي يربطه الحوثيون بالتصعيد الحالي.
إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، ما زالت تسعى للحفاظ على توازن دقيق؛ فهي تدعم الجماعة لكنها تحذر من الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
من جهة أخرى، تلعب روسيا دور الوسيط، حيث دعا وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، واشنطن إلى وقف الضربات والانخراط في مسار تفاوضي.
في الوقت ذاته، تبقى عيون العالم على البحر الأحمر، حيث تتأهب السفن التجارية وتعيد تقييم مساراتها وسط مخاوف من تحوّل المنطقة إلى ساحة حرب مفتوحة بين واشنطن وطهران عبر وكلائهما في اليمن.
الملف بات أكثر تعقيدًا، ليس فقط من زاوية الأمن البحري أو التصعيد بين الولايات المتحدة والحوثيين، بل لكونه جزءاً من مشهد أوسع يرتبط بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والمواجهة الأمريكية الإيرانية، وتأثيرها المباشر على استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها.