بمساعدة إيفان الرهيب.. كيف يربي بوتين الشعب الروسي بمبادئ العصور الوسطى؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

ماذا حدث؟

في سبتمبر 2025، سيبدأ طلاب المدارس الروسية دراسة كتاب جديد بعنوان “عائلتي”، الذي صدر في مارس 2025، برعاية نينا أوستانينا، رئيسة لجنة حماية الأسرة في مجلس الدوما.

يهدف الكتاب إلى تعليم “القيم الأخلاقية التقليدية” عبر منهج دراسي بعنوان “دراسات الأسرة”، مستلهمًا من نصوص القرن السادس عشر، وبالأخص “دوموستروي”، وهو دليل بطريركي كتبه الراهب سيلفستر، معلم القيصر إيفان الرهيب.

يدعو “دوموستروي” إلى طاعة الزوجة المطلقة لزوجها، ويبرر استخدام القوة لضبط الأسرة.

في الوقت نفسه، تم تأسيس منظمة “الأوبريشنينا” في فولوغدا في فبراير 2025، لاستحضارة سياسة التطهير التي فرضها إيفان الرهيب بين 1565 و1572، والتي شهدت إعدامات جماعية وتعذيبًا وحشيًا، وتقول المنظمة إن دورها هو “تعزيز الهوية الروسية” و”تطوير التعليم الأخلاقي للشباب”.

هذه الخطوات تندرج ضمن حملة الكرملين لإعادة تلميع إيفان، الذي يُصور الآن كبطل قومي، عبر تماثيل وأفلام دعائية، في محاولة لتعزيز الرواية الإمبراطورية وتبرير سياسات فلاديمير بوتين.

لماذا هذا مهم؟

ترى دينا خابايفا، أستاذة الدراسات الثقافية بمعهد جورجيا للتكنولوجيا أن هذه التطورات تعكس استراتيجية الكرملين لإعادة تشكيل المجتمع الروسي وفق نموذج العصور الوسطى، فيما يُعرف بـ” النزعة السياسية القروسطية الجديدة”، وهي تعني استخدام الماضي القروسطي لتبرير الأوضاع الحالية.

إعادة تلميع إيفان الرهيب، الذي كان يُنظر إليه تاريخيًا كطاغية، تهدف إلى تبرير العنف الحكومي وتعزيز الهوية الروسية الأرثوذكسية، مستلهمة من طائفة “تزاريبوجيه” التي تدعو للملكية الاستبدادية.

الكتاب المدرسي “عائلتي”، باستخدامه نصوصًا مثل “دوموستروي”، يروج لقيم بطريركية تتناقض مع الحداثة، بينما تشريعات مثل إلغاء تجريم العنف الأسري عام 2017 تعزز هذا التوجه.

هذه السياسات ليست مجرد استعادة للماضي، بل محاولة لتطبيع التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وتقويض سيادة القانون والحريات الديمقراطية.

وتقول خابايفا إن استحضار إيفان الرهيب يتوازى مع تمجيد ستالين، مما يعزز نزعة عسكرة المجتمع ودعم حرب أوكرانيا، في إطار حنين إمبراطوري يهدف إلى استعادة مجد روسيا القديمة.

ماذا بعد؟

تؤكد خابايفا إن روسيا تحت قيادة بوتين ستواصل تعميق هذا النموذج، مع احتمال تصعيد القمع الداخلي للمعارضة، مستلهمة من أساليب الأوبريشنينا التاريخية.

من المتوقع أن يوسع الكرملين الدعاية عبر الأفلام والتعليم، لترسيخ صورة إيفان الرهيب كرمز للقوة الوطنية، مما قد يزيد الدعم الشعبي لسياسات بوتين الخارجية، خاصة في أوكرانيا.

لكن هذا النهج يحمل مخاطر، إذ قد يؤدي فرض قيم العصور الوسطى إلى نفور الشباب الروسي، خاصة في المدن الكبرى، مما يغذي الاستياء الاجتماعي.

اقتصاديًا، قد تعيق هذه السياسات الابتكار والاستثمار الأجنبي، معززة عزلة روسيا عالميًا، وعلى المدى الطويل، إذا استمر الكرملين في تقديس الاستبداد، فقد يواجه تحديات داخلية من جيل يطالب بالحداثة، أو اضطرابات اقتصادية تهدد استقرار النظام.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *