بعد حرب غزة.. هل انتصرت حماس فعلاً؟

كتب- محمد النجار:

مع الإعلان عن وقف إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، تدفق أنصار حركة حماس إلى شوارع غزة للاحتفال بالهدنة التي جلبت شعوراً مؤقتاً بالراحة

 لكن سرعان ما تلاشت لحظات الفرح عندما اكتشف العديد من أهالي غزة حجم الدمار الذي لحق بمنازلهم وأحيائهم.

الصور والمشاهد التي تداولها سكان مناطق مثل جباليا وخان يونس كشفت عن حجم الكارثة التي أصابت غزة: بيوت مدمرة، أراضٍ مهلكة، ومدارس ومستشفيات تحولت إلى أنقاض.

هل يمكن اعتبار ذلك نصرًا؟

أدى الهجوم المفاجئ لحركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 إلى اندلاع حرب مدمرة أودت بحياة الآلاف من الفلسطينيين والإسرائيليين، تزامنًا مع أضرار هائلة في البنية التحتية لقطاع غزة، وقد أشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن القطاع يحتاج إلى مليارات الدولارات لإعادة البناء.

دُمر أكثر من 170 ألف مبنى، أي نحو 69% من المباني في غزة، بما فيها مئات المدارس والمستشفيات والكنائس، وتضررت شبكات المياه والطرق بشكل بالغ، مما أدى إلى معاناة إضافية للمدنيين، كما أصيبت الأراضي الزراعية بأضرار كبيرة جراء القصف المتواصل.

فاعلية الانتصار

الحديث عن انتصار حماس يبدو غريبًا إذا ما قورن بحجم الخسائر البشرية والمادية، فتقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن القطاع قد يحتاج إلى عقود للتعافي، حيث سيتمكن من إزالة الأنقاض في غضون 14 عامًا وفقًا لبعض التوقعات.

مع ذلك، في خضم الأوجاع والمآسي، تظهر أسئلة حول فاعلية هذا “الانتصار”: فهل يكفي إطلاق بعض الأسرى، أو تصوير مسلحين يحتفلون في الشوارع ليكون ذلك انتصارًا حقيقيًا؟

في الوقت نفسه، سجلت إسرائيل اعتقالات جديدة في الضفة الغربية، مما يطرح تساؤلات حول سيطرة حماس أو قدرة الاحتلال على العودة إلى ما قبل المواجهات.

أزمة اقتصادية

الحرب أحدثت أزمة اقتصادية غير مسبوقة، فقد انخفض الناتج المحلي في غزة بنسبة 81% في الربع الأخير من 2023، وتعطل الاقتصاد بشكل كامل تقريبًا، وتعرضت أكثر من 80% من الشركات الخاصة لأضرار جسيمة.

الأوضاع الاقتصادية لم تقتصر على تدمير المنشآت فقط، بل فاقمت من أزمة الغذاء والمياه، حيث تشير التقارير إلى أن أكثر من 1.8 مليون شخص يحتاجون إلى مأوى، فضلاً عن تفشي الجوع بعد تدمير المزارع ونفوق الماشية.

وفيما يتعلق بالمجتمع المدني، فقد تأثرت المدارس والمستشفيات بشدة، فعدد كبير من المدارس دُمر أو تضرر، مما جعل ملايين الأطفال محرومين من التعليم.

في القطاع الصحي، دُمّرت المستشفيات وأغلقت العديد من المنشآت الصحية.

هذا الوضع الذي يعكس صورة قاتمة لحياة المدنيين في غزة، يتركنا أمام تساؤل مهم: هل هذا هو النصر الذي وعدت به حماس؟

بعيدًا عن الشعارات

يعيش الفلسطينيون في غزة حالة من الألم والمعاناة الشديدة، فبينما يرى البعض أن توقف الحرب قد يعيد لهم بعض الأمل في الحياة، يعتقد آخرون أن ما حدث ليس سوى حلقة جديدة من المعاناة التي قد تضعهم في مأزق اقتصادي وإنساني أعظم.

التصوير الإعلامي الذي يعكس “الاحتفالات” قد لا يعكس الواقع الصعب للذين فقدوا منازلهم وأحباءهم، فغزة اليوم هي ليست مكانًا للاحتفال، بل هي ساحة قاسية تكشف عن فشل كل الأطراف في حماية المدنيين.

في النهاية، يبقى السؤال الأبرز: هل انتصرت حماس فعلًا في معركة غزة، أم أن الواقع المتعب والمستقبل المظلم يحمل في طياته فقط مزيدًا من المعاناة؟

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *