بعد تفكيك العمال الكردستاني.. هل الطريق ممهد لتقارب تركيا والعراق؟

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

في 12 مايو 2025، أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK) حل نفسه، وفي 11 يوليو 2025، قام عشرات من مقاتليه بحرق أسلحتهم رمزيًا استجابة لنداء زعيمهم المعتقل، عبدالله أوجلان، لنزع السلاح كجزء من اتفاق سلام مع تركيا.

هذا التطور يمثل نقطة تحول محتملة في العلاقات العراقية-التركية، التي عانت لعقود من التوتر بسبب استخدام الحزب الأراضي العراقية كقاعدة لعملياته ضد أنقرة منذ الثمانينيات.

تركيا، التي تمتلك أكثر من 200 نقطة عسكرية في شمال العراق، بعمق يصل إلى 40 كيلومترًا، تعتبر هذه القواعد ضرورية لمواجهة الحزب وموازنة النفوذ الإيراني.

رغم التقدم في نزع سلاح الحزب، يرى المحللون أن انسحاب القوات التركية من العراق غير مرجح على المدى القريب، حيث تستمر أنقرة في التنسيق الأمني مع إقليم كردستان العراق أكثر من الحكومة الاتحادية في بغداد.

في الوقت نفسه، وقّعت تركيا والعراق اتفاقيات تعاون أمني واقتصادي في 2023 و2024، بما في ذلك 26 اتفاقية خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد في 2024، شملت التجارة، والمياه، والطاقة.

ومع ذلك، أعلنت تركيا في يوليو 2025 إنهاء اتفاقية خط أنابيب النفط لعام 1973 بحلول 27 يوليو 2026، مع اقتراح مسودة جديدة للتعاون في النفط، الغاز، والصناعات البتروكيماوية، مما يعكس رغبة أنقرة في إعادة هيكلة العلاقات الاقتصادية.

لماذا هذا مهم؟

نزع سلاح حزب العمال الكردستاني يمثل فرصة تاريخية لتحسين العلاقات العراقية-التركية، التي كانت تعاني من توترات بسبب وجود الحزب وقواعد تركيا العسكرية في شمال العراق، إلى جانب قضايا مثل توزيع المياه وتصدير النفط.

التقارب المحتمل مدعوم بتطور التبادل التجاري، الذي وصل إلى 20 مليار دولار سنويًا، ومشاريع مثل “طريق التنمية”، الذي يهدف إلى ربط تركيا وأوروبا بالخليج عبر العراق.

ومع ذلك، استمرار الوجود العسكري التركي، خاصة في قاعدة بعشيقة، يظل عقبة رئيسية، حيث ترى أنقرة هذا الوجود ضروريًا لمواجهة تهديدات محتملة من وحدات حماية الشعب (YPG) في سوريا، التي تعتبرها امتدادًا للحزب، ولتحقيق توازن مع النفوذ الإيراني.

ملف المياه يبقى أولوية عراقية حيوية، حيث تسببت سدود تركيا في انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات، مما يهدد الزراعة والمياه في العراق.

إنهاء اتفاقية النفط لعام 1973 يضيف تعقيدًا، لكنه يفتح الباب لمفاوضات جديدة قد تعزز التعاون في الطاقة إذا تم التوصل إلى تسوية شاملة.

نجاح عملية السلام مع الحزب يعتمد على عوامل داخلية في تركيا، مثل التعديلات القانونية والموافقة البرلمانية، مما قد يؤخر التقدم ويؤثر على انسحاب القوات التركية.

هذا التقارب يمكن أن يعزز الاستقرار الإقليمي، لكنه يتطلب توازنًا دقيقًا بين مصالح بغداد، وأربيل، وأنقرة.

ماذا بعد؟

مستقبل العلاقات العراقية-التركية يعتمد على نجاح عملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني وتسوية القضايا العالقة.

على المدى القصير، من غير المرجح أن تنسحب تركيا عسكريًا من العراق بسبب مخاوفها الأمنية، خاصة مع استمرار نشاط وحدات حماية الشعب في سوريا.

ومع ذلك، يمكن للعراق استغلال هذه اللحظة للتفاوض على تقليص الوجود العسكري التركي مقابل تعاون في ملفات المياه والنفط.

اقتراح تركيا لاتفاقية طاقة جديدة يشير إلى رغبتها في تعزيز الشراكة الاقتصادية، خاصة عبر مشاريع مثل “طريق التنمية” وخط أنابيب كركوك-جيهان، الذي يدر إيرادات كبيرة لتركيا، والعراق بدوره يسعى إلى ضمانات مائية عبر اتفاقيات برعاية دولية، لضمان استدامة الإطلاقات المائية.

إذا نجحت عملية السلام، فقد تنتقل العلاقات إلى مرحلة تركز على الاقتصاد والتجارة، مع احتمال التوصل إلى تسوية شاملة تجمع الأمن، والمياه، والنفط.

لكن أي انتكاسة في عملية السلام، كما حدث في 2014، قد تعيد التوترات، خاصة إذا فشلت تركيا في إصدار عفو عن مقاتلي الحزب أو واجهت معارضة داخلية، كما أن دور إقليم كردستان، الذي ينسق أمنيًا مع تركيا، سيظل حاسمًا في تحديد وتيرة التقارب.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *