كتب- محمد النجار:
ماذا حدث؟
في خطوة تاريخية، انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش اللبناني الجنرال جوزيف عون رئيسًا للجمهورية بأغلبية ساحقة بلغت 99 صوتًا من أصل 128.
جاء هذا الانتخاب بعد شغور منصب الرئاسة لأكثر من عامين ونصف، حيث كانت الكتل السياسية، وخاصة حزب الله وحركة أمل، تدعم مرشحًا آخر هو سليمان فرنجية، الحليف المقرب من نظام بشار الأسد.
ومع سقوط نظام الأسد في سوريا، تراجعت فرص فرنجية، مما فتح الباب أمام انتخاب عون، الذي يُعتبر مرشحًا توافقيًا يحظى بدعم داخلي وإقليمي واسع.
لماذا هذا مهم؟
انتخاب جوزيف عون يُعد تحولًا مهمًا في المشهد السياسي اللبناني، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية الأخيرة، بما في ذلك سقوط نظام الأسد في سوريا.
عون، الذي ألقى خطابًا قويًا بعد انتخابه، حدد أجندة طموحة تركز على استعادة احتكار الدولة لاستخدام القوة، تأمين الحدود والموانئ، وتعزيز سيادة القانون.
هذه الأجندة تُشير إلى رغبة في إنهاء عقود من الهيمنة السورية والإيرانية على لبنان، وبدء مرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة.
من ناحية أخرى، فإن انتخاب عون يأتي في وقت يواجه فيه حزب الله ضغوطًا كبيرة بسبب الخسائر التي تكبدها في مواجهة إسرائيل، بالإضافة إلى فقدان الدعم الاستراتيجي من نظام الأسد.
كما أن الحاجة الملحة لإعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب تضع حزب الله في موقف صعب، حيث يعلم أن إيران لن تكون قادرة على توفير مليارات الدولارات اللازمة لإعادة الإعمار، مما يجعله بحاجة إلى دولة لبنانية قوية يمكنها جذب المساعدات الدولية.
ماذا بعد؟
مع انتخاب عون، تبدأ مرحلة جديدة في لبنان، لكنها ليست خالية من التحديات، أولى مهام الرئيس الجديد هي تشكيل حكومة جديدة بقيادة رئيس وزراء يتمتع بنفس مستوى الطموح والقدرة على كسب الدعم المحلي والدولي.
هذه الحكومة ستكون مسؤولة عن تنفيذ إصلاحات اقتصادية وسياسية طال انتظارها، بما في ذلك إصلاح القطاع المصرفي، التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ومكافحة الفساد.
على الصعيد الأمني، سيكون على عون ضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل بشكل كامل، بما في ذلك انسحاب حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، ونشر الجيش اللبناني بشكل فعال، كما سيعمل على تأمين الحدود مع سوريا والموانئ والمطارات، مما قد يكون أسهل في ظل التغيرات الأخيرة في سوريا.
وبينما يُعد انتخاب جوزيف عون خطوة إيجابية نحو استعادة سيادة لبنان، فإن الطريق أمامه مليء بالتحديات، فلبنان، الذي فقد سيادته منذ عام 1969، لديه الآن فرصة تاريخية لاستعادة استقلاله الحقيقي.
نجاح هذه المرحلة سيعتمد على قدرة الرئيس الجديد وحكومته على تنفيذ الإصلاحات الضرورية وكسب الدعم الدولي، مع مواجهة المعارضة الداخلية من القوى التي تعتمد على الفساد والهيمنة الخارجية.