ماذا حدث؟
شهدت المنطقة في الأشهر الأخيرة تطورات بارزة في التوترات بين لبنان وإسرائيل، عقب اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع في 27 نوفمبر 2024، والذي أنهى حربًا مدمرة بين الجانبين.
وفقًا لتقارير حديثة، أعلن الجيش اللبناني تحقيق تقدم بنسبة 85% في تنفيذ الاتفاق، مع تركيز على إزالة أسلحة حزب الله جنوب نهر الليطاني، ويهدف إلى إعلان الجنوب خاليًا من أسلحة الميليشيا بنهاية 2025.
ومع ذلك، أثارت إسرائيل اتهامات بأن الجيش اللبناني يفتقر إلى الفعالية في منع إعادة التسلح، مما دفعها إلى شن ضربات جوية يومية على مواقع حزب الله، بما في ذلك مخازن أسلحة ومرافق لوجستية، في انتهاكات مستمرة للاتفاق.
في الوقت نفسه، أعرب الرئيس اللبناني جوزيف عون عن استعداد لبيروت لمفاوضات مباشرة مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن رفض حزب الله نزع سلاحه يفتح الباب أمام حوار ثنائي، بينما أكد مسؤول في الحزب أن أي محادثات أمنية قومية تعتمد على التزام إسرائيل الكامل بالهدنة.
هذه التطورات جاءت وسط ضغوط أمريكية متزايدة، حيث أعلنت إدارة ترامب عن خطط لتعزيز الضغط على بيروت لتفكيك بنية حزب الله التحتية، مع تنسيق مع دول الخليج لربط الاستثمارات بتقدم ملموس في نزع السلاح.
كما أصدرت الأمم المتحدة تحذيرات من انتهاكات متكررة، مطالبة إسرائيل بسحب قواتها من الجنوب اللبناني، فيما يقترب الاتفاق من الذكرى السنوية الأولى.
لماذا هذا مهم؟
يُمثل هذا التقارب المحتمل خطوة حاسمة نحو استعادة السيادة اللبنانية، إذ يُعيق وجود أسلحة حزب الله بناء دولة موحدة تحت شعار “دولة واحدة، جيش واحد، رئاسة واحدة”، كما يؤكد فؤاد مخزومي، عضو البرلمان اللبناني. فالسلام الدائم سيُنهي دورة الحروب المتكررة التي تُدمر الاقتصاد وتُعيق الاستثمارات، خاصة مع مساهمة المغتربين بنحو 30% من الناتج المحلي، مما يفتح آفاقًا للازدهار الإقليمي عبر ترسيم الحدود مع إسرائيل وسوريا وقبرص. كما يُزيل السلام ذرائع المقاومة المسلحة، ويُعزز الثقة بين الشعبين، حيث أصبح النقاش عن السلام موضوعًا عامًا في لبنان بعد حرب غزة، حتى داخل الطائفة الشيعية التي تعترف بفشل نهج الحزب. على الصعيد الإسرائيلي، يُخفف الضغط العسكري في الشمال، مما يسمح بتركيز الجهود على غزة، بينما يُعزز الدور الأمريكي كوسيط، مع ربط المساعدات بإصلاحات مثل إلغاء قوانين مكافحة التطبيع، لتجنب تصعيد يُهدد الاستقرار الإقليمي بأكمله.
ماذا بعد؟
مع اقتراب نهاية 2025، يُتوقع فرض مواعيد نهائية من واشنطن لنزع السلاح جنوب الليطاني، مع حوافز اقتصادية من دول الخليج مقابل تقدم، وعقوبات على العراقلين، كما اقترحت حنين غدار وإيهود يعاري في تقرير معهد واشنطن.
قد يؤدي التقدم إلى مفاوضات مباشرة حول ترسيم الحدود البحرية ومشاركة في منتديات إقليمية مثل غاز شرق المتوسط، مما يُسهل الاتصالات دون تطبيع رسمي.
ومع ذلك، إذا فشل الجيش اللبناني في الوفاء بالتزاماته، قد تُشن إسرائيل حملة عسكرية أوسع تصل إلى نهر الأولي، مما يُعمق الانهيار اللبناني.
في النهاية، يعتمد السلام على إرادة بيروت لمواجهة حزب الله سياسيًا وماليًا، مع تأجيل الانتخابات حتى نزع السلاح الكامل، لضمان حكومة شرعية تُعيد الثقة الدولية وتُنهي عصر الدمار.