ماذا حدث؟
في مايو 2025، أعلنت إسرائيل عن نظام جديد لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، وسط أزمة إنسانية حادة بعد حصار دام 11 أسبوعًا منذ 2 مارس.
يهدف النظام، المدعوم من الولايات المتحدة، إلى إنشاء أربعة مراكز توزيع آمنة في جنوب ووسط غزة، تحت إشراف مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) وبحماية مقاولين عسكريين خاصين، مثل “سيف ريتش سوليوشنز” التي يديرها ضابط سابق في السي آي إيه.
يتطلب المقترح جمع بيانات بيومترية، بما في ذلك مسح الوجه، من المتلقين، ويستبعد الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التقليدية التي عملت في غزة لعقود. د
بدأت إسرائيل السماح بدخول شاحنات مساعدات محدودة (حوالي 305 شاحنات منذ 19 مايو)، لكن الأمم المتحدة وصفت الكميات بـ”غير كافية”، حيث قُتل 57 طفلًا بسبب سوء التغذية، و14,000 طفل معرضون للخطر.
استقال جاك وود، رئيس GHF، في 25 مايو، مشيرًا إلى أن النظام ينتهك مبادئ الإنسانية والحياد.
رفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش النظام، معتبرًا إياه خرقًا للقانون الدولي، وانضمت 24 دولة، بما في ذلك المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، لدعم هذا الموقف، مهددة بـ”إجراءات ملموسة” ضد إسرائيل.
لماذا هذا مهم؟
يثير النظام الجديد جدلًا بسبب تداعياته القانونية والإنسانية:
أولًا، يعتمد إسرائيل على ادعاءات غير مثبتة بأن حماس تسيطر على المساعدات، وهو ما تنفيه الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة، التي تؤكد وجود أنظمة مراقبة صارمة.
النظام يُقوض دور الأمم المتحدة، مما ينتهك مبادئ الحياد والاستقلال الإنساني، ويُعتبر خرقًا لالتزامات إسرائيل كقوة احتلال بموجب القانون الدولي.
ثانيًا، جمع البيانات البيومترية يثير مخاوف من تعزيز المراقبة الإسرائيلية للفلسطينيين، مما يجعل المساعدات مشروطة بالخضوع للتتبع، وهو ما نددت به جماعات حقوقية.
ثالثًا، يُخشى أن تُستخدم مراكز التوزيع في الجنوب لدعم أهداف عسكرية إسرائيلية، مثل تهجير سكان شمال غزة، حيث تتركز العمليات العسكرية.
النظام يُفاقم التحديات اللوجستية، إذ يُطالب الأفراد بحمل صناديق ثقيلة (20 كجم) عبر مسافات طويلة، مما يُعرض النساء وكبار السن وذوي الإعاقة للاستبعاد.
استقالة وود تؤكد عدم جدوى النظام، بينما يُظهر رفض 24 دولة قلقًا دوليًا من أن إسرائيل تستخدم المساعدات كأداة سياسية، مما قد يُشكل سابقة خطيرة للصراعات المستقبلية.
يُسلط النظام الضوء على نمط إسرائيلي أوسع في تقويض النظام الإنساني، كما يحذر خبراء مثل أليكس دي وال من استخدام الجوع كسلاح حرب، مشيرين إلى أوجه تشابه مع استراتيجيات استعمارية.
ماذا بعد؟
مستقبل النظام غامض وسط الرفض الدولي والتحديرات العملية، ويحتاج النظام إلى تمويل واضح وتفاصيل تنفيذية، واستقالة وود وانتقادات المانحين الرئيسيين تُضعفان مصداقيته.
أشارت إسرائيل إلى إمكانية التراجع جزئيًا، بالسماح للأمم المتحدة بتوزيع المساعدات غير الغذائية، لكن الضغط الدولي يتصاعد لرفع الحصار كليًا.
الأمم المتحدة، بدعم من دول مثل فرنسا وكندا، قد تلجأ إلى آليات مثل قرار “التوحد من أجل السلام” لإرسال قوات حفظ سلام لتأمين المساعدات، متجاوزة القيود الإسرائيلية.
كما يطالب المجتمع الدولي إسرائيل بالامتثال للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية منع الإبادة الجماعية، لضمان وصول المساعدات دون شروط سياسية.
على المدى القصير، يجب زيادة عدد الشاحنات (حاليًا 119-170 شاحنة أسبوعيًا مقابل حاجة لآلاف) وتحسين الأمن لمنع النهب، الذي تفاقم بسبب الفوضى.
على المدى الطويل، يتطلب الحل وقف إطلاق النار ورفع الحصار لمعالجة أزمة الجوع التي تهدد 2.1 مليون فلسطيني، مع التركيز على إعادة إعمار البنية التحتية الصحية والغذائية.
فشل النظام قد يُفاقم الأزمة، بينما نجاحه يعتمد على التزامه بالمبادئ الإنسانية واحترام القانون الدولي، وهو ما يبدو بعيد المنال في ظل التوترات الحالية.