المقترح الأمريكي: خطوة نحو التسوية أم مناورة لتعطيلها؟

#image_title

كتب / سعود عبد العزيز

ماذا حدث؟

بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس يوم السبت الماضي، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان رسمي أن بلاده وافقت على مقترح أمريكي غير معلن يقضي بتمديد وقف إطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي.

يتضمن المقترح الأمريكي، الذي عرضه المبعوث الخاص ويتكوف، الإفراج عن نصف الرهائن الأحياء والأموات في اليوم الأول، على أن يتم الإفراج عن النصف المتبقّي في اليوم الأخير. ووفقًا لمصادر إسرائيلية، جاء هذا الاقتراح بعد اقتناع ويتكوف بضرورة منح مزيد من الوقت لرأب الصدع بين إسرائيل وحماس فيما يتعلق بشروط إنهاء الحرب.

على الجانب الآخر، رفضت حركة حماس المقترح الأمريكي، حيث صرّح المتحدث باسمها، حازم قاسم، بأنه لا توجد مفاوضات جارية بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق. كما ألقى باللوم على إسرائيل، محمِّلًا إياها المسؤولية عن تعثر المرحلة الثانية من المفاوضات، والتي كان يُفترض أن تبدأ منذ اليوم السادس عشر من وقف إطلاق النار. وأوضح أن إسرائيل تسعى لاستعادة رهائنها مع الإبقاء على إمكانية استئناف الحرب في غزة، وهو ما يتناقض مع روح الاتفاق. كما اتهم تل أبيب بالمماطلة والتهرب من التزامها بإنهاء الحرب والانسحاب الكامل من القطاع.

لماذا هذا مهم؟

أكد الجانب الإسرائيلي أن وقف إطلاق النار لن يكون ممكنًا دون إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس، ولوّح باتخاذ تدابير أخرى في حال رفضت الحركة المقترح الأمريكي، من بينها منع جميع المساعدات الإنسانية إلى غزة. وبدأت إسرائيل بالفعل تنفيذ هذا التهديد منذ الثاني من مارس، كورقة ضغط على حماس للقبول بالمقترح الأمريكي.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يأتي هذا المقترح كجزء من تسوية تُعجّل بإنهاء النزاع، أم أنه عرقلة للجهود الدولية والعربية الساعية لإنهاء الحرب؟ فالغموض الذي يكتنف بنوده، وعدم وضوح تبعاته، يثيران الشكوك حول نوايا الولايات المتحدة الحقيقية.

اختراق الاتفاق بسبب المقترح الأمريكي قد يعرقل جميع المساعي الدولية لاستمرار مباحثات السلام، خاصة تلك التي تقودها جامعة الدول العربية، والتي تضع نصب عينيها تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. علاوة على ذلك، فإن أي انهيار للهدنة قد يفتح المجال أمام التنظيمات الإرهابية مثل حزب الله وداعش لاستغلال الفوضى واستعادة نشاطها، خصوصًا في ظل حالة الانفلات الأمني في سوريا وعلى حدود تركيا ولبنان. وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الإسرائيلي، ويفرض على القوى الإقليمية والدولية التحرك سريعًا.

ماذا بعد؟

إن منع المساعدات الإنسانية عن غزة يُشكّل كارثة إنسانية حقيقية، مما دفع وسائل الإعلام العالمية إلى الضغط على الأطراف المتنازعة للوصول إلى حل سريع. وقال أنطوان رينارد، من برنامج الغذاء العالمي لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC): “يجب أن يستمر تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة. إنه أمر ضروري للغاية. ونحن ندعو جميع الأطراف إلى ضمان التوصل إلى حل”.

في ظل هذه التطورات، يُرتقب أن تعقد جامعة الدول العربية اجتماعًا طارئًا في القاهرة حيث من المتوقع أن تُطرح اقتراحات لحل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة. كما قد تُناقش تعديلات على المقترح الأمريكي، نظرًا لحساسية المرحلة الحالية والمخاطر المترتبة على تعثر المفاوضات.

هل سيُثمر هذا الاجتماع عن حلٍّ يوازن بين المتطلبات الإنسانية والحسابات السياسية؟ أم أن المنطقة ستنزلق إلى فصل جديد من التصعيد؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *