الفيدرالية.. هل تكون الحل لأزمة سوريا؟

ماذا حدث؟

أعلنت القوات المسلحة السورية إلقاء القبض على عناصر من قوات سوريا الديمقراطية “قسد” خلال محاولتهم التسلل إلى حي الأشرفية بمدينة حلب.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية، أن الجيش نجح في صد هجوم لقوات “قسد”، متسببًا في خسائر كبيرة ضمن صفوف المهاجمين.

بالتزامن مع ذلك، شهدت العاصمة دمشق اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن ومن أسمتهم فلول موالية لنظام الأسد السابق، استهدفت فرع الأمن العام في حي المزة.

وأفادت وسائل إعلام موالية للنظام الحالي أن القوات الأمنية تمكنت من “تحييد” المهاجمين، بينما أكد مسؤولون في محافظة دير الزور اعتقال أربعة أشخاص وُصفوا بأنهم “قادة مجموعات تابعة للنظام السابق” خلال عملية أمنية دقيقة.

جاءت هذه التطورات بعد أن أصدر الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، قرارًا بتشكيل “لجنة وطنية مستقلة” للتحقيق في الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق الساحل السوري.

لماذا هذا مهم؟

في ظل تصاعد التوترات الداخلية، يبرز التساؤل حول مدى إمكانية تطبيق الفيدرالية كحل مستدام لإعادة توحيد سوريا.

بعد أكثر من أربعة عشر عامًا من الحرب الأهلية، تواجه سوريا واقعًا سياسيًا واجتماعيًا معقدًا، حيث تفتت الولاءات بين الفصائل المختلفة وأصبح كل مكون يسعى لترسيخ نفوذه في مناطق سيطرته.

المشهد الحالي يعكس انقسامات عميقة بين الأطراف المتنافسة، فبينما يهيمن الشرع وجماعته “هيئة تحرير الشام” على مناطق الغرب السوري، تبقى العشائر السنية في وادي الفرات غير ملتزمة بولاء واضح، في حين تتجنب “قسد” أي تحركات غير محسوبة تجاه النظام الجديد.

إلى جانب ذلك، لا تزال الميليشيات الموالية لتركيا تسيطر على مناطق حيوية في الشمال، بينما تحافظ الأقليات الدينية، مثل الدروز والعلويين، على استقلالية نسبية في مناطقهم.

هذا التعقيد يزيد من صعوبة فرض نموذج حكم مركزي قوي، مما يجعل الفيدرالية خيارًا قد يسهم في ضمان تمثيل أكثر عدالة لجميع الأطراف.

ماذا بعد؟

في ظل هذه التحديات، يواجه الرئيس المؤقت أحمد الشرع معضلة كبيرة: هل يستمر في سياسته المركزية، أم يتجه نحو نموذج فيدرالي يضمن تمثيلًا أوسع للجماعات المتنوعة في سوريا؟

رغم رفضه السابق للفيدرالية، فإن استمرار الانقسامات قد يجبره على إعادة النظر في موقفه.

التاريخ القريب يوضح أن النظام المركزي الذي انتهجه الأسد لم ينجح في تحقيق الاستقرار، بل ساهم في إشعال الحرب الأهلية، وإذا كان الشرع يسعى لتجنب المصير ذاته، فقد يكون من الضروري تبني اللامركزية الفعلية عبر نظام حكم فيدرالي.

كما أن الدعم الدولي المتوقع لإعادة إعمار سوريا قد يكون مشروطًا بتبني سياسات تضمن مشاركة كافة الأطراف في الحكم، بما في ذلك الأقليات والأكراد.

لذلك يبقى السؤال: هل يمكن للفيدرالية أن تحقق المصالحة الوطنية المطلوبة، أم أنها ستؤدي إلى مزيد من الانقسام؟.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *