تشهد مناطق الساحل السوري حالة من التوتر المتصاعد، في ظل تقارير تتحدث عن ارتكاب فصائل مسلحة، أبرزها “فرقة سليمان شاه” المعروفة بـ”العمشات” و”فرقة الحمزة” أو “الحمزات”، انتهاكات جسيمة طالت المدنيين تحت ذريعة ملاحقة فلول النظام السوري.
اتهامات بجرائم واسعة النطاق
تكشف تقارير ميدانية عن تورط هذه الفصائل، التي تتلقى دعماً من أنقرة، في تنفيذ “مجازر مروعة” بالساحل السوري، حيث تزايدت حالات القتل والاعتداء بحق السكان في مدن مثل بانياس، وطرطوس، واللاذقية.
وأفادت مصادر محلية بأن رتلًا عسكريًا تابعًا للعمشات والحمزات اقتحم مدينة بانياس وتمركز فيها لمدة يومين، قبل أن يبدأ بتنفيذ عمليات “تصفية جماعية” استهدفت سكان حي القصور، الذي تقطنه أغلبية علوية، فضلاً عن إحراق منازل الأهالي.
ومع انتشار الأنباء عن المجازر، تحركت قوات الأمن العام لإجبار المسلحين على الانسحاب، ما دفعهم إلى التراجع نحو بلدة الحطانية بريف طرطوس، بينما استمر تحليق الطائرات المسيرة في سماء المنطقة.
تصعيد طائفي وحصيلة دموية
وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عمليات القتل التي شهدها الساحل السوري تحمل طابعاً “طائفياً ومناطقياً”، حيث راح ضحيتها المئات من المدنيين.
وتشير الإحصائيات إلى وقوع 29 مجزرة في المنطقة، أسفرت عن مقتل 973 شخصًا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال.
وأكد المرصد أن بعض الضحايا تعرضوا لعمليات إعدام جماعي، بينما تم ذبح آخرين بطريقة وحشية، مشيراً إلى أن القوات المنفذة للهجمات ضمت عناصر أجنبية تقاتل في صفوف القوات الموالية للنظام السوري.
العمشات والحمزات.. النفوذ والقيادة
تُعرف “فرقة سليمان شاه” بقيادة محمد حسين الجاسم، الملقب بـ”أبو عمشة”، وتتمركز بشكل رئيسي في ناحية شيخ الحديد بعفرين، بينما تنتشر “فرقة الحمزة” بقيادة سيف بولاد، المعروف بـ”أبو بكر”، في الباب، وجرابلس، وعفرين.
وتلعب الفصيلتان دوراً محورياً ضمن الفصائل المسلحة المدعومة تركيًا في الشمال السوري.
ورغم تمركز نفوذهما في إدلب، إلا أنهما أرسلتا قوات إلى بانياس دعماً لجهود وزارة الدفاع السورية في فرض السيطرة على الساحل.
سجل طويل من الانتهاكات
بحسب تقارير حقوقية، فإن الفصيلين متورطان في عمليات خطف، وابتزاز، وتهجير قسري، ومصادرة ممتلكات المدنيين، لا سيما في عفرين وشمال حلب.
كما وثقت منظمات دولية إدارتهم لسجون سرية، وممارستهم التعذيب الممنهج، إضافة إلى تنفيذ عمليات اغتيال، كان من أبرزها مقتل الناشط محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته في مدينة الباب عام 2022.
عقوبات دولية وإجراءات صارمة
نتيجة لهذه الجرائم، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات صارمة على الفصيلين عام 2023، تضمنت تجميد أصولهما في الولايات المتحدة، وحظر التعاملات المالية مع قياداتهما، إلى جانب إدراج “السفير أوتو”، وهي شركة سيارات مملوكة لأبو عمشة، ضمن الكيانات المحظورة.
وأكدت واشنطن أن العمشات والحمزات مسؤولتان عن تفاقم الأزمة الإنسانية في شمال سوريا، من خلال عمليات الخطف والابتزاز والتهجير القسري، مما دفع المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات صارمة للحد من نفوذ الفصيلين ومحاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات.
تصاعد العنف ومستقبل الأزمة
مع استمرار التصعيد في الساحل السوري، يزداد القلق بشأن تداعيات هذه الأحداث على المشهد السياسي والعسكري في البلاد. وبينما يسعى النظام السوري لإلقاء اللوم على جماعات مسلحة معارضة، تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق إعدامات ميدانية، مما يعكس حجم العنف المتفشي في المنطقة.
ومع تواتر التقارير عن استمرار الانتهاكات، تبقى التساؤلات قائمة حول قدرة المجتمع الدولي على كبح جماح هذه الفصائل، وإنهاء دوامة العنف التي تعصف بسوريا منذ أكثر من عقد.