العصر الإمبراطوري الجديد.. كيف يغير ترامب وبوتين وشي النظام العالمي؟

#image_title

ماذا حدث؟

في مشهد سياسي يذكرنا بعهود الإمبراطوريات الكبرى، يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسير على خطى نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ في استعادة النزعات التوسعية.

تحدث ترامب علنًا عن ضرورة استعادة الولايات المتحدة السيطرة على قناة بنما وضم غرينلاند، وحتى ضم كندا لتصبح الولاية الأمريكية رقم 51، بل وصل به الأمر إلى اقتراح تحويل قطاع غزة إلى “ريفييرا” سياحية على البحر المتوسط.

في المقابل، لا يخفي بوتين طموحاته الإمبريالية، إذ دعمت روسيا الانفصاليين في ترانسنيستريا وأبخازيا، وخاضت حروبًا في جورجيا وأوكرانيا، ناهيك عن التدخلات العسكرية في سوريا وأفريقيا.

أما الصين، فقد عسكرت جزرًا متنازعًا عليها في بحر الصين الجنوبي، وتصر على إعادة ضم تايوان إلى سيادتها باعتبارها “جزءًا لا يتجزأ من الوطن الأم”.

لماذا هذا مهم؟

على مدار العقود الماضية، اعتقد الكثيرون أن عصر الإمبراطوريات قد انتهى، وأن الدول القومية أصبحت النموذج السائد في النظام العالمي، لكن الصعود المتزايد للنزعات الإمبريالية، سواء من القوى التقليدية مثل روسيا والصين أو من الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب، يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي.

هذا الاتجاه لا يقتصر فقط على الطموحات التوسعية، بل يمتد إلى طبيعة الحكم نفسها، حيث يعتمد كل من بوتين وشي وترامب على الخطاب القومي المتشدد لتبرير تحركاتهم.

بوتين يدّعي أن أوكرانيا كانت دائمًا جزءًا من روسيا، وشي يعتبر أن الصين استعادت مكانتها بعد قرن من “الإذلال”، بينما يروج ترامب لفكرة “القدر الأمريكي” التي تبرر التوسع الجغرافي والاقتصادي.

إذا استمرت هذه النزعات، فإن النظام الدولي القائم على احترام الحدود السيادية والمعاهدات الدولية قد يصبح في خطر.

مع تزايد هذه التوجهات، يمكن أن نشهد انهيار النظام العالمي القائم على القانون والحقوق، ما يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والصراعات.

ماذا بعد؟

رغم أن الحروب التوسعية المباشرة تبدو أقل احتمالًا في العصر الحديث، إلا أن انتهاك الحدود الدولية قد يتخذ أشكالًا جديدة، مثل الضغوط الاقتصادية، التدخلات العسكرية غير المباشرة، أو حتى التوسع في الفضاء كما يطمح ترامب بإرسال العلم الأمريكي إلى المريخ.

إذا انضمت الولايات المتحدة إلى روسيا والصين في تقويض النظام الدولي القائم، فقد نكون أمام مرحلة جديدة من الفوضى الجيوسياسية.

قد تشهد السنوات القادمة صراعات جديدة على النفوذ، سواء في آسيا أو أوروبا أو حتى الفضاء الخارجي، فالعالم الذي اعتقد أنه ترك عصر الإمبراطوريات خلفه، قد يجد نفسه أمام عودة غير متوقعة لها، ولكن بأدوات وأساليب أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *