ماذا حدث؟
أعلن رئيس أمن الدولة السعودي، عبد العزيز بن محمد الهويريني، في مقابلة تلفزيونية على قناة “إم بي سي” أن المملكة ترحب بعودة المعارضين في الخارج دون فرض عقوبات عليهم، بشرط عدم تورطهم في جرائم مثل القتل أو الاعتداء.
وأكد أن توجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قضت بالعفو عن الذين وصفهم بـ”المغرر بهم”، مع ضمان عدم محاسبتهم طالما لم يرتكبوا أفعالًا جنائية جسيمة.
وأشار الهويريني إلى أن نسبة 20% من المعتقلين داخل المملكة تم إيقافهم بناءً على رغبة أسرهم أو بالتنسيق معهم، مؤكدًا أن الدولة تعتمد نهج “المعالجة لا العقاب” ما دام الشخص لا يزال في مرحلة الأفكار.
كما دعا المعارضين إلى العودة، مطمئنًا إياهم بأن السعودية لن تتخذ أي إجراءات عقابية ضدهم، إذا لم يكن عليهم “حق خاص” كجرائم الاعتداء أو السرقة.
لماذا هذا مهم؟
تعكس هذه التصريحات تحولًا في النهج السعودي تجاه المعارضين بالخارج، في وقت تسعى فيه المملكة لتعزيز صورتها على المستوى الدولي.
منذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد عام 2017، أطلقت المملكة إصلاحات اجتماعية واسعة، أبرزها تمكين المرأة عبر السماح لها بقيادة السيارات، وافتتاح دور السينما، وتنظيم الفعاليات الفنية والرياضية.
ورغم ذلك، رافقت هذه الإصلاحات موجة من الاعتقالات شملت معارضين ونشطاء حقوقيين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الذي دخل حيز التنفيذ بعد أشهر قليلة من صعود ولي العهد إلى السلطة.
وقد أثارت هذه الاعتقالات انتقادات واسعة من منظمات حقوقية دولية، خاصة بعد إصدار أحكام بالسجن بحق شخصيات بارزة، مثل الناشطة مناهل العتيبي التي حُكم عليها بالسجن 11 عامًا، ونورا القحطاني التي صدرت ضدها عقوبة بالسجن 45 عامًا بسبب أنشطتها على الإنترنت.
مع ذلك، شهدت الأشهر الأخيرة بعض الانفراجات، إذ أفرجت السلطات السعودية عن عدد من المعتقلين، أبرزهم محمد القحطاني، مؤسس الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية، الذي أُطلق سراحه بعد قضائه عقوبة بالسجن لعشر سنوات، بالإضافة إلى الإفراج عن الأكاديمي مالك الأحمد والداعية محمد الهبدان، اللذين اعتُقلا ضمن حملة سبتمبر 2017.
ماذا بعد؟
إعلان العفو عن المعارضين وفتح الباب أمام عودتهم قد يكون جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحسين صورة المملكة دوليًا، خصوصًا مع اقتراب استضافتها لفعاليات كبرى مثل “إكسبو 2030” ومساعيها لجذب الاستثمارات الأجنبية ضمن “رؤية السعودية 2030”.
لكن يبقى السؤال مطروحًا حول مدى تأثير هذا التوجه الجديد على واقع الحريات داخل المملكة، وما إذا كان سيمهد لمرحلة أكثر انفتاحًا سياسيًا.
في ظل هذه التطورات، يترقب العالم كيف ستتعامل السعودية مع ملف المعارضين خلال الفترة المقبلة، وهل ستستمر في سياسة “المعالجة لا العقاب”، أم أن هذه الخطوة تظل مقيدة بشروط سياسية وأمنية محددة؟