الساحل السوري يشتعل.. وخبراء يكشفون لـ “بريفليكس” هل تتجه البلاد نحو صراع جديد؟

#image_title

ماذا حدث؟

اندلعت اشتباكات عنيفة في منطقة الساحل السوري خلال الساعات الماضية، حيث شهدت عدة قرى، أبرزها المختارية في منطقة الحفة، مواجهات دامية بين قوات الأمن العام وفلول النظام السابق. وأسفرت المواجهات عن سقوط عشرات القتلى، وسط تضارب في التقديرات حول أعداد الضحايا، إذ تتحدث بعض المصادر عن 70 قتيلاً، بينما تشير مصادر أخرى إلى أعداد أكبر بكثير.وتأتي هذه الأحداث كجزء من سلسلة اضطرابات شهدتها سوريا في الأيام الأخيرة، حيث سبقها تصعيد مماثل في جرمانا، السويداء، ومدينة الصنمين في درعا. لكن ما يميز معركة الساحل هو حساسية المنطقة، كونها تضم عدداً كبيراً من ضباط النظام السابقين المطلوبين للعدالة بتهم ارتكاب جرائم حرب.ووفقاً للكاتب الصحفي السوري يعرب العيسى، فإن هناك عدة روايات حول الشرارة الأولى لهذه الاشتباكات؛ فإحدى الروايات المحلية تفيد بأن قوات الأمن العام جاءت لاعتقال ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع أهالي قريته إلى المقاومة وفتح النار. بينما تشير رواية أخرى إلى أن الاشتباكات بدأت بهجوم منظم ومخطط مسبقاً على حاجز لقوات الأمن العام، نفذته قوات مدربة يُعتقد أنها تضم عناصر سابقة من جيش النظام.وبالتزامن مع هذه المواجهات، خرج بيان يحمل اسم أحد كبار ضباط النظام السابقين المتهمين بارتكاب جرائم حرب، معلناً عن تشكيل “مجلس عسكري” يهدف إلى “تحرير سوريا”، وهو ما زاد من التوترات وأثار مخاوف من تصعيد أوسع.

لماذا هذا مهم؟

يرى الدكتور أحمد الكناني، الكاتب الصحفي والمحلل السوري، أن هذه الاشتباكات ليست مجرد حادثة معزولة، بل تأتي في إطار مشروع أوسع لإعادة رسم المشهد السوري، مدفوعاً بأجندات داخلية وخارجية. ويوضح الكناني لـ “بريفليكس” أن التصعيد تزامن مع إعلان إسرائيل عن جهود وساطة مع الولايات المتحدة للإبقاء على القواعد العسكرية الروسية في ميناءي طرطوس واللاذقية، مما يطرح تساؤلات حول توقيت الأحداث ودوافعها.كما أن هناك محاولات لتسويق ما يجري على أنه حرب طائفية، بهدف استدعاء تدخل دولي أو فرض حماية خارجية، خاصة في ظل الدعوات الأخيرة لإنشاء منطقة آمنة للطائفة العلوية. ويضيف الكناني أن هناك قوى، سواء داخلية متضررة من سقوط النظام أو جهات إقليمية، تحاول استغلال حالة الفوضى لفرض واقع جديد يخدم مشاريعها.أما العيسى، فيرى أن انفجار الأوضاع في الساحل كان أمراً متوقعاً نظراً لتراكم العوامل على مدى عقود من الحكم الديكتاتوري، ثم 14 عاماً من الحرب. ويشير في حديثه لـ “بريفليكس” إلى أن فلول النظام السابق لجأت إلى خيار “شمشون”، أي هدم كل شيء، لأنها باتت في مواجهة مصير محتوم دون خيارات أخرى.

ماذا بعد؟

يتفق الخبراء على أن الأمور تتجه نحو احتواء سريع للاشتباكات في الساحل، حيث ردت الإدارة الجديدة بحزم، وأرسلت تعزيزات كبيرة لتنفيذ عمليات تمشيط واسعة. وعلى الرغم من انتشار أنباء عن وقوع انتهاكات خلال هذه العمليات، إلا أن الصورة الكاملة لما حدث لم تتضح بعد.ويرجح العيسى أن الشرارة الحالية لن تتوسع كما يتوقع البعض، مشيراً إلى أن البيئة الاجتماعية في الساحل تميل إلى تهدئة الأوضاع وعدم الانجرار إلى حرب شاملة. لكنه يحذر من أن المستقبل القريب والمتوسط لن يكون سهلاً، فهناك عقبات كبيرة تنتظر سوريا، سواء بسبب التدخلات الخارجية أو بسبب الأطراف الداخلية التي لا تزال تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.أما على المدى البعيد، فيبدي العيسى تفاؤلاً، مؤكداً أن الحل الوحيد لمستقبل مستقر لسوريا يكمن في بناء دولة المواطنة، بعيداً عن الانقسامات الطائفية والعرقية والمناطقية. ويرى أن نجاح هذا المشروع يتطلب حوارات وطنية معمقة، دستوراً جامعاً، ونظام حكم قائم على التشاركية، بحيث يتم التعامل مع الجميع كمواطنين متساوين قبل أي انتماءات أخرى.وفي النهاية، تبقى الأيام المقبلة حاسمة في تحديد المسار الذي ستسلكه سوريا، هل ستنجح الإدارة الجديدة في ضبط الوضع واحتواء التوترات، أم أن البلاد مقبلة على جولة جديدة من الفوضى والصراعات؟

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *