كتب- محمد النجار:
ماذا حدث؟
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميًا فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على الواردات القادمة من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 10% على الصين، ابتداءً من 1 فبراير.
ويأتي هذا القرار في سياق حملته المستمرة للحد من تدفق المخدرات، لا سيما الفنتانيل، والهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن التأثيرات الاقتصادية لهذا القرار تتجاوز بكثير المبررات السياسية المعلنة.
التعديلات على هذه الرسوم تضمنت تأجيل فرض التعريفات على النفط والغاز حتى 18 فبراير، مع منح كندا نسبة أقل (10%) على صادراتها النفطية.
هذا القرار يعكس استراتيجية ترامب المستمرة لاستخدام التجارة كسلاح سياسي، حيث يهدف إلى الضغط على الشركاء التجاريين لتحقيق مكاسب جيوسياسية، وهو ما يسميه الخبراء “التجارة المُسلحة”.
لماذا هذا مهم؟
يمثل هذا القرار ضربة قوية للعلاقات التجارية في أمريكا الشمالية، خاصة بعد توقيع اتفاقية “الولايات المتحدة – المكسيك – كندا” (USMCA) التي كان يُفترض أن تعزز التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث.
حجم التجارة بين هذه الدول هائل، حيث بلغ في 2022 حوالي 909 مليار دولار بين الولايات المتحدة وكندا، وأكثر من 855 مليار دولار بين الولايات المتحدة والمكسيك.
القطاعات الأكثر تضررًا ستكون صناعة السيارات، التي تعتمد بشكل كبير على المكونات القادمة من جميع أنحاء القارة، حيث سيؤثر ارتفاع التكاليف الناتج عن هذه الرسوم على الأسعار للمستهلكين الأمريكيين ويضعف القدرة التنافسية للمصنعين المحليين.
قطاع الزراعة أيضًا قد يواجه انتكاسة خطيرة، حيث يعتمد على تصدير الذرة وفول الصويا واللحوم إلى كندا والمكسيك، بينما يستورد المنتجات الطازجة مثل الأفوكادو والطماطم من المكسيك.
من جهة أخرى، الصين قد تكون المستفيد غير المباشر من هذه الحرب التجارية، حيث ستحصل على معاملة جمركية أخف نسبيًا.
الخبراء يرون أن بكين قد تلجأ إلى تخفيض قيمة عملتها لاستيعاب تأثير الرسوم الجديدة، ما قد يقلل من وطأة هذه التعريفات على اقتصادها.
ماذا بعد؟
من المتوقع أن يكون الرد الكندي والمكسيكي حادًا، حيث لوّحت الدولتان بفرض تعريفات انتقامية تستهدف صناعات حساسة للولايات المتحدة، مثل المنتجات الزراعية وقطاع الطاقة.
كما يمكنهما اللجوء إلى آليات فض النزاعات في منظمة التجارة العالمية أو في إطار اتفاقية USMCA، ولكن هذه المسارات غالبًا ما تكون طويلة الأمد ونتائجها غير مضمونة.
على المستوى السياسي، هذا التصعيد قد يؤدي إلى توترات دبلوماسية غير مسبوقة بين الثلاثة بلدان.
ترامب يستخدم الرسوم كأداة للضغط وكسب التأييد الداخلي، لكنه يخاطر بإشعال حرب تجارية واسعة قد تؤدي إلى تداعيات اقتصادية خطيرة على الأسواق العالمية.
وفي ظل هذه التحولات، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه الخطوة بداية لتغيير جذري في السياسة التجارية الأمريكية، أم أنها مجرد ورقة ضغط مؤقتة سيتم التراجع عنها لاحقًا؟