ماذا حدث؟
في مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” على قناة سي بي إس في 20 أكتوبر 2025، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل على صفقة سلام بين المغرب والجزائر خلال 60 يوماً، أي بحلول نهاية ديسمبر.
جاء هذا الإعلان في سياق الجهود الأمريكية لتوسيع “السلام المعدي” بعد وقف إطلاق النار في غزة، حيث أكد ويتكوف أن فريقه مركز على هذا الملف، مستلهماً من اتفاقيات أبراهام.
سبق ذلك تصريحات مستشار ترامب لشؤون أفريقيا، ماساد بولوس، الذي أشار إلى رغبة الجزائر في تحسين العلاقات مع المغرب وحل نزاع الصحراء الغربية.
يأتي ذلك مع تصويت مجلس الأمن الدولي المرتقب في أواخر أكتوبر حول تجديد تفويض بعثة مينورسو، حيث يقترح مسودة أمريكية-فرنسية-بريطانية الاعتماد على خطة الحكم الذاتي المغربية لعام 2007 كأساس للتفاوض، مما يُعتبر خطوة أولى نحو “السلام”.
ومع ذلك، لم تُعلن الجزائر رسمياً عن مشاركتها، وأعربت عن شكوك عبر وسائل إعلامها الحكومية، معتبرة الاقتراح غير متوازن.
لماذا هذا مهم؟
تشهد العلاقات بين المغرب والجزائر انخفاضاً تاريخياً منذ قطع الجزائر للعلاقات الدبلوماسية في أغسطس 2021، متهمة الرباط بدعم حركات انفصالية وتطبيع مع إسرائيل، تلاها تعليق خط أنابيب الغاز في 2022، مما أدى إلى إغلاق الحدود منذ 1994 وتصعيد الاتهامات المتبادلة.
نزاع الصحراء الغربية، الذي يسيطر المغرب على معظمه، لم يُسبب التوترات لكنه يُفاقمها، حيث تدعم الجزائر جبهة البوليساريو للاستقلال.
يُعد إعلان ترامب خطوة جريئة في دبلوماسيته “الصفقاتية”، مستفيداً من نفوذ واشنطن في مجلس الأمن كـ”حامل قلم” لمينورسو، وعلاقاتها القوية مع الرباط (بعد اعتراف 2020 بالسيادة المغربية) والجزائر (تعاون أمني واقتصادي).
نجاح الصفقة قد يُنهي عقوداً من التوترات، مما يُعزز الاستقرار في المغرب العربي، ويُفتح أبواب التعاون الاقتصادي، الذي يُعاني من انخفاض التكامل الإقليمي، ويُساعد في مواجهة الإرهاب في الساحل.
ومع ذلك، يُحذر الخبراء من أن التركيز على الصحراء وحدها غير كافٍ، إذ يمتد الصراع إلى الثقافة والدياسبورا، مما يتطلب جهوداً طويلة الأمد لاستعادة الثقة.
ماذا بعد؟
مع اقتراب تصويت مينورسو، يُتوقع أن يُستغل الولايات المتحدة نفوذها لإقناع الجزائر (عضو مجلس الأمن) بالتخفيف من معارضتها لخطة الحكم الذاتي، مقابل ضمانات أمنية واقتصادية، بينما يُشجع المغرب على تفصيل الخطة لجذب دعم دولي أوسع.
في المدى القريب، قد يُركز ترامب على خطوات بسيطة مثل استئناف الرحلات الجوية المباشرة أو إعادة فتح الحدود، مع حوافز مثل دعم أمريكي لتطوير الصحراء للمغرب، وتعزيز التعاون الأمني مع الجزائر.
ومع ذلك، يُحذر التحليل من أن 60 يوماً قصيرة جداً لتجاوز عقود من الشكوك، خاصة مع اتهامات المغرب للجزائر بالتحالف مع إيران، وقد يفشل الجهد إذا لم تُظهر الجزائر براغماتية.
على المدى الطويل، يتطلب السلام التزاماً أمريكياً مستمراً لتعزيز التواصل، مما قد يُؤدي إلى تعاون مغاربي في إدارة المياه والتجارة، ويُقلل التوترات في الساحل، لكن الفشل قد يُفاقم التوترات الإقليمية ويُعيق الاستقرار.