التطبيع السعودي الإسرائيلي.. هل اقتربت الخطوة بعد سنوات من التأجيل؟

التطبيع السعودي الإسرائيلي

كتب- محمد النجار:

ماذا حدث؟

يشهد المسرح السياسي في الشرق الأوسط تحركات دبلوماسية مكثفة يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإحياء مفاوضات التطبيع بين إسرائيل والسعودية، حيث التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمسؤولين أمريكيين في واشنطن لمناقشة سبل تحقيق هذا الاتفاق التاريخي.

وتتضمن الخطة مراحل متسلسلة تبدأ بإحراز تقدم في وقف إطلاق النار في غزة، والذي يشمل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وإيصال المساعدات الإنسانية، على أن تليها مرحلة ثانية تتضمن مفاوضات بشأن مستقبل القطاع.

وعلى الرغم من التحديات التي يواجهها نتنياهو، لا سيما اعتراضات بعض حلفائه اليمينيين، إلا أن استطلاعات الرأي في إسرائيل أظهرت أن 73% من الإسرائيليين يؤيدون المضي قدمًا في هذه الصفقة.

لكن العقبة الكبرى أمام التطبيع لا تزال متعلقة بالقضية الفلسطينية، حيث تشترط السعودية وجود مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو مطلب أكدت عليه مرارًا خلال المحادثات.

في الوقت ذاته، تبرز ضرورة تهدئة الأوضاع على الحدود الشمالية لإسرائيل، حيث يُشترط استمرار وقف إطلاق النار في لبنان وتقليص الوجود الإسرائيلي في مرتفعات الجولان السورية.

لماذا هذا مهم؟

يمثل التطبيع السعودي الإسرائيلي، في حال نجاحه، تحولًا جذريًا في توازنات الشرق الأوسط، إذ سيوفر لإسرائيل مكاسب استراتيجية كبرى، بينما يمنح السعودية ضمانات أمنية واسعة ودعمًا أمريكيًا لمشاريعها الاقتصادية، وعلى رأسها رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

بالنسبة للولايات المتحدة، فإن تحقيق هذا الاتفاق سيكون إنجازًا سياسيًا كبيرًا، خصوصًا في ظل التنافس مع الصين وروسيا على النفوذ في المنطقة.

ترامب يسعى لجعل هذا الاتفاق قاطرة إنجازاته الخارجية، خصوصًا أن نجاحه قد يقوده إلى جائزة نوبل للسلام، وهو أمر يدركه خصومه الديمقراطيون الذين قد يعرقلون المصادقة على الاتفاقية الأمنية بين واشنطن والرياض في مجلس الشيوخ.

على الجانب الآخر، تواجه إسرائيل تحديًا داخليًا يتمثل في انقسام المشهد السياسي، حيث يعتمد نتنياهو على ائتلاف يضم أحزابًا يمينية متشددة تعارض بشدة فكرة الدولة الفلسطينية، ما قد يدفعه إلى الدعوة لانتخابات مبكرة في حال انسحاب شركائه من الحكومة.

ماذا بعد؟

رغم الزخم الكبير الذي تشهده المحادثات، فإن نجاحها يعتمد على سلسلة من العوامل المعقدة، بدءًا من تحقيق تقدم في غزة، ومرورًا بحلحلة الملف اللبناني، ووصولًا إلى وضع رؤية واضحة لمستقبل الدولة الفلسطينية.

ومع ذلك، من غير المرجح أن تُحسم كل هذه القضايا خلال زيارة نتنياهو الحالية لواشنطن، ما يعني أن التطبيع سيظل قيد المفاوضات خلال الأشهر القادمة.

من المحتمل أن يقوم ترامب بزيارة إلى السعودية لتعزيز فرص الاتفاق، لكنه سيواجه تحديات كبيرة، أبرزها ضمان التزام السعودية بتحالف استراتيجي مع واشنطن بدلًا من التقارب مع الصين.

كما أن نجاح الصفقة سيتطلب مفاوضات صعبة حول الضمانات الأمنية المقدمة للرياض مقابل تطبيعها مع إسرائيل.

في النهاية، يبدو أن الطريق إلى التطبيع بين الرياض وتل أبيب لا يزال محفوفًا بالعقبات، لكن التفاهمات السياسية والاقتصادية قد تدفع الأطراف المعنية لتسريع وتيرة المفاوضات، ما يجعل عام 2025 مرشحًا ليكون عامًا حاسمًا في مستقبل العلاقات السعودية الإسرائيلية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *