الانتخابات الإثيوبية.. دليلك لفهم نظام “الاحتكار السياسي”

الانتخابات الإثيوبية

تستعد إثيوبيا لانتخابات 2026 وسط شكوك حول نزاهتها، حيث يهيمن حزب الازدهار الحاكم على المشهد السياسي بنسبة فوز تجاوزت 95% في البرلمان منذ 1995.

هذه الهيمنة، المدعومة بقمع المعارضة ونظام انتخابي غير عادل، تثير تساؤلات عن إمكانية تحقيق ديمقراطية حقيقية في بلد متنوع عرقيًا.

ماذا حدث؟

منذ 1995، أجرت إثيوبيا انتخابات كل خمس سنوات، باستثناء تأخير 2021 بسبب كوفيد-19.

حزب الازدهار، الذي خلف الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية (1991-2019)، واصل هيمنته بحصده 96.8% من مقاعد البرلمان في 2021.

دراسة لبيزونيه يمينو، باحث في السياسة المقارنة، كشفت أن الانتخابات تعاني من قمع المعارضة، والتزوير، والإقصاء السياسي.

النظام الانتخابي “الفائز يأخذ كل شيء” يحرم المعارضة من تمثيل عادل، حيث فازت أحزاب معارضة في 2005 بنسبة 38% من الأصوات لكنها حصلت على مقاعد أقل بكثير.

في 2021، حصدت أحزاب مثل بالديراس وإيزيما في أديس أبابا 32% من الأصوات دون أي مقاعد.

في إقليمي أوروميا والصومال، انسحبت أحزاب معارضة كبرى مثل جبهة تحرير أورومو بسبب الاضطهاد، تاركة حزب الازدهار يتربع على ثلثي المقاعد الفيدرالية وثلاثة أرباع المقاعد الإقليمية، مما يعزز احتكاره السياسي.

لماذا هذا مهم؟

هيمنة حزب واحد في إثيوبيا، بلد يضم عشرات القوميات، تهدد الاستقرار وتغذي الاستياء السياسي.

النظام الانتخابي الحالي، الذي يعتمد على الفوز بالأغلبية في كل دائرة، يقصي أصوات المعارضة ويحرم المناطق المتنوعة مثل أمم الجنوب من تمثيل عادل، بينما يشدد الحزب الحاكم قبضته على معاقل مثل أوروميا.

هذا الإقصاء يقوض الثقة في العملية الديمقراطية ويعزز التوترات العرقية، كما حدث في التمرد الأمهري الأخير.

الانتخابات، رغم حريتها ظاهريًا، تفتقر إلى العدالة بسبب التفاوت في الملعب السياسي، حيث يواجه المعارضون الاعتقال والتضييق.

هذه الديناميكية تحول البرلمان إلى غرفة صدى للحزب الحاكم، مما يحد من التعددية السياسية ويعيق الحوكمة الشاملة، ويمثل إصلاح النظام الانتخابي مفتاحًا لتعزيز الاستقرار في بلد مزقته الصراعات، لكن غياب الإرادة السياسية يبقي هذا الهدف بعيد المنال.

ماذا بعد؟

مع اقتراب انتخابات 2026، تقف إثيوبيا على مفترق طرق، فاستمرار النظام الحالي قد يؤدي إلى مزيد من الاستقطاب والاضطرابات، خاصة في ظل التوترات العرقية المتصاعدة.

يقترح الباحث يمينو ثلاث إصلاحات رئيسية: اعتماد نظام التمثيل النسبي، المستخدم في دول مثل جنوب إفريقيا، لضمان توزيع عادل للمقاعد بناءً على نسبة الأصوات، وضمان حرية عمل الأحزاب المعارضة في جميع المناطق دون قمع، وتعزيز استقلالية الهيئة الانتخابية مع السماح بمراقبة دولية.

هذه الإصلاحات قد تحول الانتخابات إلى عملية أكثر عدالة، لكن تنفيذها يتطلب إرادة سياسية قوية من حزب الازدهار، الذي يستفيد من الوضع الراهن.

على المدى الطويل، قد تدفع الضغوط الشعبية والدولية نحو تغييرات تدريجية، لكن دون إصلاحات جذرية، ستبقى إثيوبيا أسيرة “الاحتكار السياسي”، مما يهدد بتفاقم الانقسامات وإضعاف أسس الديمقراطية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *