ماذا حدث؟
في 17 نوفمبر 2025، نشرت جريدة الوقائع العراقية الرسمية قائمة جديدة لتجميد الأموال تضمنت بشكل مفاجئ اسمي حزب الله اللبناني وجماعة الحوثيين ضمن “الكيانات الإرهابية”.
أثار الأمر صدمة واسعة، لأن العراق لم يصنف هذين الكيانين إرهابيين رسمياً من قبل، بل يعتمد تعريفاً محدوداً يقتصر على تنظيميماً داعش والقاعدة.
بعد 10 أيام فقط من الضجة، أصدرت لجنة تجميد الأموال في البنك المركزي توضيحاً رسمياً بأن إدراج الاسمين كان “خطأ فنياً” حدث أثناء تحديث القائمة بناءً على طلب ماليزي وقرار مجلس الأمن 1373، وأن القائمة المصححة ستُنشر قريباً بدون الاسمين.
أمر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتحقيق عاجل لتحديد المسؤولين، وأكد أن موقف العراق “مبدئي” تجاه لبنان وفلسطين.
لماذا هذا مهم؟
القائمة الخاطئة، حتى لو استمرت أياماً قليلة، كشفت حجم الضغط الأمريكي على بغداد لتصنيف حزب الله والحوثيين إرهابيين، خاصة بعد هجوم كورمور وتصعيد إسرائيل ضد الحزب.
إدراج الاسمين، ولو بالخطأ، يُعتبر انتصاراً دبلوماسياً لإسرائيل وواشنطن، وإحراجاً كبيراً للفصائل المسلحة داخل الإطار التنسيقي.
التراجع السريع يُظهر أن الحكومة لا تملك حرية كاملة في هذا الملف، وتخشى رد فعل إيران وحلفائها داخل العراق، لكنه يُعزز اتهامات المعارضة بأن بغداد “تُدار من الخارج”.
الحادثة جاءت في توقيت حساس مع مفاوضات تشكيل الحكومة، حيث يواجه السوداني فيتو من فصائل موالية لإيران ترفض ولاية ثانية له، مما يجعل أي موقف ضد حزب الله أو الحوثيين خطراً سياسياً مباشراً.
ماذا بعد؟
سيُعلن التحقيق نتائجه في ديسمبر 2025، وربما يُقال مسؤولون متوسطو المستوى لامتصاص الغضب، لكن لن يُمس أحد كبير.
الحكومة ستُسرّع نشر القائمة المصححة لإنهاء الإحراج، لكن الضرر وقع: إسرائيل وأمريكا ستستغلان الحادثة للمطالبة بتصنيف رسمي، وستُضغط على بغداد لتجميد أموال مرتبطة بحزب الله فعلياً.
الفصائل المسلحة ستُكثف هجماتها على القواعد الأمريكية رداً على “الإهانة”، مما قد يُعجّل بانسحاب أمريكي جزئي أو إعادة انتشار.
في مفاوضات الحكومة، سيُستخدم الحادث كورقة ضغط ضد السوداني، وربما يُمهد لمرشح تسوية أكثر قبولاً لدى إيران.
في النهاية، كشفت الواقعة أن العراق عالق بين ضغطين متضادين: الأمريكي-الإسرائيلي لقطع الطريق على إيران، والإيراني للحفاظ على نفوذه، وأي خطأ صغير قد يُشعل أزمة كبرى.